ولزينب نوح لفقد شقيقها تدعوه ياابن الزاكيات الركع
اليوم اصبغ في عزاك ملابسي سودا واسكبها طلات الأدمع....
في مقالة لأحد الكتاب المستشرقين الاوربيين يسمى ( إدورد مونتاغيوا ) ، وقد نشرت في الصحف البريطانية في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، عن شخصية السيدة زينب بنت امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ، تحت عنوان ( إقتلوا زينب )، إذ جاء فيها ،
لقد فتشنا في كتب العرب التاريخية كأبن الاثير ، و المسعودي ، وغيرهم من فحول المؤرخين ، فعثرنا على خطبة للسيدة زينب ومن فقراتها :
( فكد كيدك واسع سعيك فوالله لاتمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولن تدرك أمدنا ، من هي هذه المرأة ..؟
أنا اقولها تغلق الحجر لقوتها ، وهي امرأة ، أنها تهدد عرشآ عظيمآ عرش يزيد بن معاوية ، وحسب ما تعرفنا على سيرته ، هو من اشباهنا ، نحن الغربيين ، نحن في أوربا نتعاطى الخمور ، ونتسلى بالمراقص الليلة ، ونتسامر عبر العلاقات الجنسية ، وغيره الكثير ،
أما زينب فهي شبيهة بالسيدة العذراء ، حقيقة نعترف فيما بيننا أن هذه المرأة تشكل خطراً كبيراً يهدد ليس فقط عرش يزيد ، بل كل قوى مثل عرش يزيد ، إذن زينب تهددنا نحن ايضا ، ....
أقول ..
يا سيد إدورد ، أن شخصية عالمية تاريخية كشخصية السيدة زينب بنت امير المؤمنين عليه السلام ، هي الأبرز على الإطلاق من كل شخصيات التاريخ الاسلامي ، وما تناولته هذه السيدة العظيمة إنما جاء الأساس الثابت الذي ترعرعت عليه هذه السيدة المعطاء ، وكيف لا ،؟ وهي سليلة الدوحة العلوية ، ابوها علي بن ابي طالب عليه السلام ، وامها سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمد صلوات ربي عليهم أجمعين ، ومن نتاج هذه الأسرة ، أنها ذو الفضل العظيم والكرم والجود والعلم والعطاء ، فقد فضلهم الله سبحانه على سائر خلقه ، وميزهم بخصال يعجز بني البشر عن الوصول إلى كنه عظمتها ، فهي من بيت زق بهم العلم زقا ، صغيرهم لا يقاس من العلم وكبيرهم كالجمر لايداس ،
يا سيد إدورد ، سأضع على تساؤلاتكم أدلة للتاريخ ، علنا نوفق أن نذكر من هذه السير العطرة ، لننال على إثرها شفاعة جدها النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وأبوها علي وامها الزهراء عليهم السلام ،
أن الجانب المعنوي الذي تركت السيدة زينب ع ، هو جانب لا يمكن لاقلام التاريخ تمحو أثره ، كيف ما دارت رحى الأحداث سنجد أن المواقف التي تكللت بها ابنت امير المؤمنين عليها السلام ، هي مواقف لم يسبق أن قدمتها امرأة في فترات التاريخ ، ولن تصل إليها اي شخصية على مدار الاحقاب والأزمان ، وليت شعري أن الوقوف بوجه طواغيت الزمان لا يتطرق لها التاريخ الاسلامي ، كما تطرق إلى مواقف هذه السيدة العظيمة ، فجميع محاولات بني أمية لطمس معالم هذه الحقائق باءت بالفشل الذريع والخسران ، ومن أهم تلك المواقف هي تشخيص سريع لاحداث كربلاء وما جرى في يوم العاشر من المحرم سنة ٦١ هجرية ، المعركة الكونية التي أدت إلى استشهاد الأهل والاخوان والاولاد والأطفال ولم ينجوا منها حتى الطفل الرضيع ، وكأنها يوم القيامة ، وكيف لك أن تصف موقفآ واحدا قد هز وجودكم ، وتشتت له أفكاركم ، واخذتم التاريخ الاسلامي بحثا عن ضالتكم ، فوجدتم شخصية السيدة الحوراء زينب عليها السلام ، ولم تستعرض مواقفها في رحى المعارك ومالذي أنتجت واقعة الطفوف ، وكيف استطاعت أن تجمع فتات ما تبقى من النساء والأطفال بليلة تشبه ليالي الموت المحقق الذي جرى على اوربا في العصور المظلمة ، ولا شبيه لها مع الفارق ، يا سيد إدورد ؟
هل قلبت بواطن الكتب مما ذكرتم ، فهل وجدت ان السيدة زينب عليها السلام ، قد وقفت بباب خيمتها تنظر مصارع الابطال من اخوانها وابنائها فلذات كبدها ، وأبناء إخوتها ، وعينها شابحة إلى السماء وتردد وتقول ، اللهم إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى ، اللهم تقبل منا هذا القربان ،
هل قرأت ما معنى ذلك ،
هل علمت أن هذه القرابين التي قدمت في هذه المعركة ، لو كانت في أوربا لصنعتم منها قداس الكنائس ، ولجعلتموها كعظمة يسوع المسيح وسموه ، وكما أخبركم عنها ( كولوسي ) بأن يسوع هو صورة الله غير المنظورة وقد أرسله اليكم الله سبحانه لتتعرفو عليه ، هل تعلم يا سيد إدورد ،؟
أن السيدة زينب هي المرأة الاولى في تاريخ الاسلام تقف موقف الشجعان ، لان التاريخ يحدتنا أن ابيها علي بن ابي طالب عليه السلام ، الرجل الذي حطم احلام العرب والروم والكفرة والمشركين ، ومن به الله سبحانه على رسوله الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، بهذا الرجل الذي أطاح بكل مخططات الغرب والكفر والاشراك ، هل تعلم ياسيد إدورد ، أن السيد زينب هي خلاصة الرسالة التي أراد آلامام الحسين عليه السلام أن يوصلها للعالم بأسره ووصلت اليكم بكل نقاء ، ولولا هذه المرأة فلا ذكر يذكر للتاريخ الإسلامي وسيظل فارغا من محتواه الحقيقي والإسلام الذي جاء به جدها ، لأصبح بين ايديكم إسلاما ذو احكام على مزاج السلطات الحاكمة من بني أمية وابن أكلة الاكباد ، وأصحاب الجرائر العظيمة والذنوب التي لا تغتفر ، هل تعلم ياسيد إدورد .
أن العظيمة زينب قد وضعت النقاط على الحروف ، ومهدت لدولة الحق المطلق ، فبدونها لا توجد للإسلام دولة ، ولا شيعة ينتظرون أمامهم ، ولا محبين لهم ، ولا مناسك الحج ، ولا شعائر الدين وشريعة المرسلين ، ولا تبقى لهذا البيت باقية لو لا وجودها ، بعد أن انعم الله عليها بالصبر والثبات والعقيدة الراسخة التي تغذتها من يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبواها ، ولعمري ، الحديث عن المأثر والمواقف لسيدة الخدر والنساء زينب بنت امير المؤمنين عليه السلام يحتاج إلى مجلدات من الكتب لتغطي عظمتها ، وإليك يا سيدتي اعتذر لأنني لم اوف جزء من نوركم ، وكتبت تلك الحروف طالبا بها شفاعتكم يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم..والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين.......