الخميس 20 جمادى الأول 1446هـ 21 نوفمبر 2024
موقع كلمة الإخباري
وأنا من الحسين..
د. راجي نصير
كاتب وصحافي ومقدّم برامج
2024 / 07 / 12
0

لطالما كانت القناعة السائدة تقول ان الأكثرية هي القوة الغالبة على الأقلية، وان " النصر" حليف الأكثرية القاهرة، وهذه الفكرة ابتدعها ومازال يغذيها وينشرها الحكام والطواغيت والمسكونين بوهم القوة والتفوق المادي، ويحاولون تمريرها على الفقراء والضعفاء والمغلوبين على امرهم، حتى تحولت الى ما يشبه المسلمات والقناعات العامة.

ولان الحسابات المعنوية تختلف عن الحسابات المادية، فقد أعطت واقعة الطف قراءة مختلفة عما هو شائع في الوعي العام، فقد ميزت بين الغلبة المادية المؤقتة، والانتصار المعنوي الدائم، فالباقي هو المنتصر، والزائل مهما كان قويا ومتغطرسا هو الخاسر الحقيقي، ولطالما رحل طواغيت وتحولوا الى لعنة على لسان التاريخ، ولطالما تغلبت جيوش جرارة على ثوار قلائل وربما قتلتهم، لكن في النهاية كان النصر الحقيقي الدائم للقلة الثائرة، لان مبادئ وقيم وأسماء القلة الثائرة هي التي خلدت في الضمائر والقلوب، وذهب الطغاة وجيوشهم الى مزابل التاريخ خارج الذاكرة الإنسانية، بل خارج المسمى الإنساني.

وحين تصدق النوايا، وتتطابق الاقوال مع الأفعال، ويصبر الثائرون على المبادئ والقيم، رغم كل الضغوط العسكرية والنفسية والاقتصادية والإعلامية، تصبح الغلبة والنصر كلاهما للقلة المؤمنة الصادقة، وهي مصداق قوله تعالى في الآية 249 من سورة البقرة {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}. 

القيم والحقائق المرتبطة بالشجاعة والبطولة، لن يدركها او يفهمها البعض بالتأكيد، وستجد من يسخر بها، لكنها في النهاية حقائق على ارض الواقع، حقائق افرزتها وأسست لها ثورة الامام الحسين (ع) في كربلاء.

التعليقات