حقيبة تفتح لك آفاق الارتباط بالله تعالى، ولا يزال ذلك الارتباط محكما ومتأصلا مادام ينتهل مشاربه من العترة الطاهرة، الذين هم الادلاء اليه وخير وسيلة لابتغاء مرضاته، قال تعالى: (قُلْ مَا يَعْبَؤُاْ بِكُمْ رَبِّى لَوْلَا دُعَآؤُكُمْ) الفرقان: 77.
"يعبؤ" من مادة "عبء" بمعنى "الثقل" وعلى هذا فجملة لا يعبأ يعني لا يزن، وبعبارة أخرى لا يعتني، وبناء على هذا، يكون مفهوم الآية هكذا: إن ما يعطيكم الوزن والقيمة والقدر عند الله هو الإيمان بالله والتوجه والعبودية إليه، ومن جملة الشواهد الواضحة التي تؤيد هذا التفسير، الحديث المنقول عن الإمام الباقر عليه السلام، أنه سئل: (كثرة القراءة أفضل أو كثرة الدعاء؟ فقال عليه السلام: كثرة الدعاء أفضل وقرأ هذه الآية) تفسير الصافي للفيض الكاشاني: الآية.
معلوم أن مسألة الدعاء أعطيت أهمية كبيرة في آيات القرآن والروايات الإسلامية، حيث كانت الآية أعلاه أنموذجا منها، غير أنه قد يكون القبول بهذا الأمر ابتداء صعبا على البعض، اذ انهم ينظرون إلى الدعاء الخالي من شرائطه، في حين إذا أخذت الشرائط الخاصة للدعاء بنظر الاعتبار، فإن هذه الحقيقة تثبت بوضوح، وهي أن الدعاء وسيلة مؤثرة في إصلاح النفس، والارتباط القريب بين الله والإنسان.
يسأل الكثير عن قوله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) غافر: 60. بأنني أدعو الله كثيرا ولم تكن إجابة؟! والحال ان استجابة الدعاء لها شروط:
الاول: معرفة الله تعالى.
الثاني: تخلية القلب، وإعداد الروح، ذلك لأن الإنسان حينما يذهب باتجاه أحد، ينبغي أن يملك الاستعداد للقائه.
الثالث: جلب رضا الله تعالى، ولا يكون ذلك الا من خلال التمسك بالكتاب العزيز والعترة الطاهرة.
الرابع: هو أن يستخدم الإنسان كل قدرته وقوته واستطاعته في عمله، ويؤديه بأعلى درجة من الجد والاجتهاد، ثم يرفع يديه ويوجه قلبه إلى بارئه بالدعاء في ما وراء ذلك، لأنه ورد صريحا في الروايات الإسلامية، أن الإنسان إذا قصّر في العمل الذي يستطيع أن يؤديه بنفسه، ثم يتوسل بالدعاء فلن يستجاب دعاؤه.
الخامس: ان توفي بعهد الله من الاتيان بالواجبات وترك المعاصي، فالله تعالى حينئذ يوفي بعهده في استجابة الدعاء، قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ) البقرة: 40.
السادس: وعد الله هو وعد الحق ووعد الشيطان هو وعد الباطل، والله تعالى يستجيب لأهل الحق، أما أهل الباطل فهم الظالمون في الدنيا ولهم عذاب اليم في الآخرة، كما في قوله تعالى: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ابراهيم: 22.
من هنا، فإن الدعاء وسيلة لمعرفة الخالق ومعرفة صفاته الجمالية والجلالية، ووسيلة للتوبة من الذنب، ولتطهير الروح، ووسيلة أيضا لأداء الحسنات ولا يكون ذلك الا من خلال الجهاد والجد والاجتهاد إلى منتهى الاستطاعة، لهذا نجد عبارات مهمة حول الدعاء لا يمكن فهمها إلا على ضوء ما قلناه، مثلا: نقرأ في رواية عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (الدعاء سلاح المؤمن، وعمود الدين، ونور السماوات والأرض) ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (الدعاء مفاتيح النجاح ومقاليد الفلاح، وخير الدعاء ما صدر عن صدر نقي، وقلب تقي) أصول الكافي للكليني، الجزء الثاني، أبواب الدعاء باب أن الدعاء سلاح المؤمن.
انطلاقا مما سبق فان المرجعية الدينية العليا ومن خلال ممثلها في كربلاء المقدسة سماحة السيد أحمد الصافي قد هيّأت لك حقيبة المؤمن وهو تطبيق شامل يغنيك عن حمل الكتاب، فهو بمثابة كتيب الكتروني يكون معك في اي مكان وزمان، التطبيق ثمين يحتوي على مواقيت الصلاة اليومية، كامل الزيارات والادعية، الصلوات والاذكار، ادعية لاستجابة الحاجات، ادعية الايام، القران الكريم الشامل، الاعمال والزيارات والتسبيحات اليومية، المناجات، تعقيبات الصلاة والنوافل، حياة اهل البيت عليهم السلام، معوذات الحفظ والسلامة الواردة عن أهل البيت (ع)، المسبحة الالكترونية البسيطة، المناسبات الدينية التاريخية، اعمال شهر رمضان، الصلوات على الحجج المعصومين، خيرة الامام الصادق (ع) وغيرها، كما ويحتوي على التاريخ الهجري، وعرض الأحداث التاريخية الدينية، وان التطبيق محدث بشكل دوري وهو مجاني متاح للجميع.
وفي استماعه لمدير مركز (حقيبة المؤمن) التابع لقسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة المقدسة السيد علي الجياشي والوفد المرافق له، الاثنين، 11 مارس 2024م إلى شرح حول عمل التطبيق الإلكتروني وخدماته، والتحديثات التي طرأت عليه وخططه المستقبلية، وفي مستهل حديثه أشاد ممثل المرجعية الدينية العليا والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة السيد أحمد الصافي، بجهود الفريق القائم على التطبيق، الذي يُعد أحد أهم تطبيقات العتبة العباسية المقدسة، وما حققه من منجز، قائلاً "أنتم عملتم شيئًا عظيمًا وكبيرًا يستحق الثناء".
وأكد على "أهمية توسيع رقعة عمل التطبيق وانتشاره في الدول العربية وغيرها، بما يلائم وضعية المتلقي في تلك الدول، وترجمته إلى لغات متعددة ترجمة دقيقة مبنية على دقة المعلومة والجهة المستفيدة من الترجمة".
ودعا السيد الصافي "إلى إيصال المحتوى والمعلومة الموثوقة إلى المتلقين، المبنية على المشتركات مع باقي الطوائف، كالقرآن الكريم، والمسبحة، وأوقات الصلاة، والقبلة، وأمور فنية مشتركة أُخر، وإيصال زيارة الأربعين وما يرافقها من أحداث وخدمات بطريقة تليق بقيمة هذه الزيارة المباركة".
المشتركات التي تقارب بين المذاهب وأهلها كثيرة، فبعضها يجمع عليه أهل المذاهب الأساسية من السنة والإباضية والزيدية والاثني عشرية الذين يتفقون مثلا على وحدانية الله وألوهيته والإيمان برسله وأن الإسلام خاتم الأديان، في حين أن هناك قضايا أخرى قد تجمع بين البعض منها أكثر من بعضها الآخر، كاجتماع الزيدية مع الشيعة الاثني عشرية في أصل القول بالإمامة.
المذاهب الأساسية الإسلامية تلتقي حول عناوين الإسلام الكبرى، ولكنها تختلف فيما بينها حول مسائل أخرى أساسية لبنائها المذهبي وقد تتعاظم في بعض الظروف لتشكل عوائق حائلة أمام التواصل السليم فيما بين أهلها، فكل مذهب له مصدره الخاص في تلقي الروايات الدينية، ولكل منها قراءته الخاصة للتاريخ السياسي للإسلام، وكل منها يرى في مخالفه "فرقة" تحيد عن الإسلام أسسا وبناء.
التَّقريب بين المذاهب الإِسلاميَّة واحد من الاصطلاحات الحديثة, وتعني السعي إلى تحقيق التآلف والأخـوّة الدينيـّة على أساس المبـادئ الإسلاميّة المشتركة الثّابتـة والأكيدة، وذلك بين أصحاب المذاهب الإسلاميّة وخاصة بين الشيعة (أتباع أهل بيت النبي(ص)) وأهل السنّة (أتباع مدرسة الصحابة). ويعدّ السيد جمال الدين الأفغاني الأسد آبادي من أوائل الدّاعين للوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية، وكان هذا في بداية القرن الرّابع عشر الهجري من خلال مقالاته التي نشرها في مجلة العروة الوثقى النّاطقة باللّغة العربية.
ومن المعروف ان السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي عالم دين شيعي، من المتبنين لفكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية، والوحدة بين الشيعة والسنة، وحاول أن يقدم الحلول لأُصول الاختلاف بين الطائفتين، وفي أواخر سنة 1329 هـ سافر السيد عبد الحسين إلى مصر من أجل الاطلاع على الحركة العلمية فيها، وأحوال العلماء والمفكّرين، ومن أجل إيجاد أرضية مشتركة لتحقيق الوحدة الإسلامية، وخلال هذا السفر التقى مفتي الأزهر الشيخ سليم البشري، وأصبحت بينهما علاقة ومراسلات في موضوع خلافة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصل عدد هذه الرسائل إلى (112) رسالة، وتحمل هذه الرسائل طابعاً علمياً وبمنتهى الأدب والاحترام في مناقشة الأفكار، وقد جُمِعت هذه المراسلات بعد خمسة وعشرين عاماً في كتاب، ونشرت تحت عنوان "المراجعات".
وأوصى السيد الصافي بأن "يكون التطبيق برؤية إخراجية وتصميمية عالية، ليتمكن من إيصال المعلومة بسهولة، والتركيز على الجانب الفني والتقني للتطبيق، مع تقديم المحتوى الهادف والعمل على تحديثه باستمرار، بما يساعد على زيادة نشاط التطبيق، وتكون هناك رؤية لمواكبة التطور الحاصل في عالم التطبيقات في ظلّ وجود تطبيقات غير نافعة".
وشدد على "ضرورة أن تكون الروايات المذكورة في التطبيق مسندة وسليمة لغويًا، ويشعر المتلقي بالعمل والمنهجية الصحيحة، ليكون التطبيق أحد أساليب التصدي للأفكار الهدامة التي تحاول النيل من المجتمع".
ومن المعروف انه قد وقع الخلاف بين علمائنا في اعتداد جميع ما في الكتب الأربعة من أحاديث رويت عن أهل البيت عليهم السلام معتبرة ومقطوعاً بصدورها عن الأئمة, فطال البحث فيها, وطال معه النقاش حولها. اصول الحديث، عبد الهادي الفضلي، ص 210.
وقال الشيخ الفضلي في هذا الصدد: من خلال دراستنا في علم أصول الحديث لموقف علمائنا من مرويات المشايخ الثلاثة (الكليني, والصدوق, والطوسي) في كتبهم الأربعة (الكافي, والفقيه, والتهذيب, والاستبصار) رأيناهم ينقسمون إلى فريقين:
1ـ الاخباريون يذهبون إلى أن مرويات المشايخ الثلاثة في كتبهم الأربعة مقطوع بصدورها عن المعصومين.
2- الاصوليون يذهبون إلى أنها مظنونة الصدور، بحاجة الى تمحيص وتدقيق سندا ودلالة ومفهوما. (أصول علم الرجال / عبد الهادي الفضلي ص 13)
من هنا تأتي أهمية وصايا المرجعية الدينية العليا من ضرورة وجود لجنة مختصة من العلماء والمحققين تعمل على تنقية ما يرد في الحقيبة من أوراد وأعمال وزيارات، من ناحية السند والدلالة والسلامة اللغوية والمشتركات الدينية لتكون مرجعا روحيا ومعنويا لشرائح واسعة في المجتمع الاسلامي، ليشعر المتلقي بالعمل الجاد المواكب للحداثة من جهة، والمنهجية الصحيحة المواكبة للأصالة من جهة أخرى، وبهذا يضمن انه ينتهل من ينبوع الحقيبة كل ما يقربه اكثر واكثر لله تعالى ولأهل بيت المصطفى الذين جعلهم الله تعالى مصابيح هدى وسفن نجاة في لجج الأفكار الهدامة التي تحاول النيل من المجتمع في دينه واخلاقه وقيمه السامية.
لتحميل تطبيق حقيبة المؤمن اضغط هنا للاندرويد