الجمعة 29 ذو الحِجّة 1445هـ 5 يوليو 2024
موقع كلمة الإخباري
المهلكات الثلاث.. للحوزة العلمية -1-
إيليا إمامي
كل حريص _ من داخل البيت ومن خارجه _ على الحوزة العلمية .. حوزة صاحب الزمان عجل الله فرجه .. فعليه أن يحميها من ثلاث:
2024 / 06 / 19
0

كل حريص _ من داخل البيت ومن خارجه _ على الحوزة العلمية .. حوزة صاحب الزمان عجل الله فرجه .. فعليه أن يحميها من ثلاث:

١) الإكراه .. فلو كان طالب العلم يُكره ويُجبر على تبني هذا الرأي .. ويخاف من مناقشة ذاك الرأي .. ويخشى بيان رأيه هو في المسألة .. لما بقي لاستقامة هذا الدين من أثر .. ولو تربينا في أول دراستنا على الإكراه .. لأصبحنا في آخرها عبيد الساسة والسلاطين .. يأمروننا بالفتوى كما يريدون .. ونستجيب خاضعين.

وبخلاف جامعات أوربا وأمريكا التي تدعي الحرية ثم تقمع طلابها المحتجين عندما تحين لحظة الحقيقة .. 

فالحوزة العلمية .. لا تفتخر باستقلاليتها وحرية النقاش فيها فحسب .. بل تفتخر بوقوفها _ عبر قرون _ بوجه أي محاولة لترهيب طلاب العلم _ فضلاً عن العلماء_ وإجبارهم على تبني رأي معين وترك آخر .. 

والقناعة الراسخة في الحوزة .. أن ركنها سينهدم .. ونظامها سيختل .. ونجمها الذي سطع لمئات السنين سيأفل .. إذا استسلمت ولو لفكرة واحدة .. وتعاملت معها كأصلٍ من أصولها .. مع أنها جاءت بولادة قيصرية .. وليس بشكل طبيعي.

ولذا ترى _ لو كنت من المدققين _ أن الأئمة المعصومين .. ومن بعدهم العلماء الربانيون .. قد صدرت منهم مواقف كثيرة بداعي التقية .. ولكنها مواقف وكلمات بقيت مطوقة ومعزولة عن منظومة الفكر الشيعي .. وعدم انتمائها للمذهب معروف ومكشوف .. وقد دفعنا بها شراً مرحلياً .. ثم انتهى دورها .. ووضعت على الرف .. لتبقى مجرد ذكرى تشير إلى مرحلة زمنية من القمع والإكراه.

حتى أن علماءنا لهم بحوث طويلة صارت أشبه بـ (الفلاتر) في مسألة حمل الخبر (الرواية) على التقية .. سواء في باب تعارض الخبرين أو في غيره .. ويصرف فيها الطالب سنوات من مجموع دراسته .. فقط ليتأكد من سلامة هذه الفلاتر على مر الزمن .. وأن يبقى الخط الفاصل واضحاً جداً .. بين ما صدر من المعصوم تقية .. وما صدر منه تربية وتعليماً حقيقياً لشيعته .. وكل جهود الحوزة في حفظ هذا الخط الفاصل .. تجري على ضوء ما خطط له أهل البيت عليهم السلام .. من كيفية التعاطي مع أخبارهم الشريفة.

وها أنت تعيش في سنة الله هذه .. وترى تسع عمائم سوء منحرفة .. تحاول النيل من ثوابت المذهب أو علمائه .. وتستخف بهم وتنبزهم بأسوأ الأوصاف .. ثم تجد هذه العمائم تدخل مساجد وحلقات النجف وقم وتخرج براحة وأمان .. بدون أن تتحول الحلقات إلى حلبات! لماذا.. لأنهم يعرفون أن الحوزة في مقام أسمى وأبعد من إكراه أحد على قناعة لا يريدها.

فما دمت لم تتحول إلى رأس ضلال وفتنة (ممن يبدأ ببعض الانتقادات الخفيفة وينتهي بتنظيمات عنيفة)  .. فلا بأس عليك.

فالإكراه .. المهلك الأول من مهلكات الحوزة.

يتبع.

التعليقات