الاثنين 25 ذو الحِجّة 1445هـ 1 يوليو 2024
موقع كلمة الإخباري
صرخة النجف الصامتة!
محمد الحسن
تناثرت النجوم والتيجان والسيوف بين الادغال وتحت حوافر الانعام، فلمتعد ثمة حاجة إليها، او صارت تهمة عقوبتها الذبح في قانون الخليفة الجديد!
2024 / 06 / 13
0

 تناثرت النجوم والتيجان والسيوف بين الادغال وتحت حوافر الانعام، فلمتعد ثمة حاجة إليها، او صارت تهمة عقوبتها  الذبح  في قانون الخليفة الجديد!  

 حتى البنادق، قبضتها اكلت الزناد وأفرغ عتادها ولم تعد صالحة للدفاع  عن النفس. ذبح وقتل، سبي ونهب في كل الازقة المختلفة عن لون الخلافة الاسود. تكاثرت السيوف من جهات شتى، فحتى شركاء غلّة الأرض انزلوا راية الوطن وداسوها بالأقدام، إيذانا ببداية عهدهم الجديد!  

 عهود وليس عهدا واحدا، ففي تكريت تطير رقاب العزّل وسط زغاريد غجر العوجة، وفيها يصنّف الناس وفق الاسماء، فمن كان له صلة بعلي يقدّم الى الاطفال ليتسلّوا بمنظر الرؤوس وهي تتناثر في النهر!  

 عتّمة غليظة لا يخترقها نور، غطّت على كل شيء، وشملت جميع آفاق هذه  الارض العطشى للدماء منذ ساعات الطف الاولى.. اصوات الفرح وبشائر الاحتفال تبث مباشرة عبر الهواء العربي الملوّث بسموم الجهل والانحطاط، وجميع تلك المحطات تبيع العهر مجانا؛ فما هؤلاء القتلة الذين امتهنوا الذبح، سوى (ثوّار عشائر) في نظرهم..!  

 وما هو مستقبل شعب يحكمه هكذا صنف من (الثوّار)؟!  

 لن تكون دولتهم سوى نسخة محدّثة من حقبة البعث الساقطة. نسخة أضيف لها نص دينيّ محرّف، لقتل كل لون يختلف عن ذلك السواد المتسرب عبر التاريخ إلى عقول اوباش القوم وغجر الصحراء. ثلاثة أيام افرغت خلالها تلك النفوس المتسخة بعار التاريخ كل ما في جعبتها من غلٍّو  حقد.. وقد ازداد احمرار الافق، واختبأت العصافير بين اكداس الجثث وكأنها تحاول وشمها لأثبات هوية الشهداء قبل ان تمحو ملامحهم سطّوة الشمس في حزيران.. ثلاثة ايام ظهر فيها دين جديد، ظاهره اسلام وواقعه إجرام، واستوى ذلك الدين في رؤوس قوم من امّة العرب، فرحوا واطربتهم اناشيد الموت، وكأنهم اختاروا مواجهة الله الذي خلق البشر ووهبهم الحياة، فقرروا استلاب حياتهم نكاية بالله وحقدا عليه!  

 وفي عالم آخر، تقززت الشعوب من منظر الموت المرعب، وبدت هذه البقعة من الارض كيوم قيامة اقامته الشياطين، انعزلت وانشطرت عن الأرض جميعها وبات يوم خلاصها  حتى يشيب الغراب .. أهذا هو دينكم؟!.. سؤال قيل في جميع اللغات وصيغ بأقسى العبارات، فلا صورة اخرى غير هذا الدين المجنون الذي شكى العالم من نتانة مراسه!  

 وعلى جهة ثالثة، حيث ضريح  الاسلام كلّه  كان يجلس حكيم زمانه منذ عقود طويلة، رجل تضرب إليه اكباد الإبل، متربع على عرش الفقاهة والزهد والحكمة والعلم، رجل ليس كمثله آخر، صبور مقيل لعثرات المسيئين، مصفح عن ذنوب من يستهدفوه؛ فأستحق أن يكون عليا حسينياً، جادت به ارض سيستان علينا وعلى هذا الدين الممزق بسيوف الطغاة منذ مقتل ابن نويرة وما قبلها بقليل.. ثلاثة ايام من الصبر قاسية علينا جميعا، صبرها الامام ثم اطلق فتواه الخالدة، قليلة الكلمات عظيمة الاثر، وصار يوم فتح جديد للإسلام، إذ نسفت تلك الكلمات جميع أفعال المشوهين للدين.. وظهر إثرها حشدا بدّد سحب الظلام واخترق متاريس الخرافة ليحطمها والى الأبد. وهنا فقط، اندمجت الارض وصار لها عهدا واحدا هو العراق!  

التعليقات