فجع النازحون بمخيم السلام في منطقة مواصي رفح التي يصنفها الجيش الإسرائيلي "آمنة" جنوب قطاع غزة، بضربات جوية استهدفت خيامهم ليل الأحد لتشعل النار فيها وفي أجساد الضحايا الذين سقطوا بالعشرات.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن 35 شخصا قتلوا وإن المصابين بالعشرات معظمهم من النساء والأطفال.
كانت وسائل إعلام فلسطينية قالت إن إسرائيل قصفت خيام نازحين بالقرب من مخازن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في رفح.
الجيش الإسرائيلي سارع إلى إعلان تنفيذه ضربات بالتعاون مع جهاز الأمن العام (الشاباك) وقتل ياسين ربيع رئيس مكتب الضفة بحماس إضافة إلى خالد نجار القيادي بالحركة ومسؤول مكتب الضفة في ضربات بمنطقة تل السلطان شمال غرب رفح.
وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي عبر منصة إكس "وردت تقارير عن إصابة عدد من المدنيين غير المتورطين نتيجة الغارة وحريق اندلع في المكان بعدها حيث توجد تفاصيل الحادث قيد الفحص".
وأثارت الغارات ردود فعل غاضبة، فقد أدان المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة الهجوم الإسرائيلي على خيام النازحين في رفح ووصفها بأنها "مجزرة تتطلب تدخل المجتمع الدولي".
وأوضحت وكالة الأنباء الفلسطينية أن الخيام تقع في مخيم أقيم حديثا بمنطقة شمال غرب رفح ونقلت عن مصادر قولها إن الطائرات الإسرائيلية أطلقت نحو ثمانية صواريخ على الخيام وأن من كانوا بداخلها احترقوا حتى الموت.
وقال جهاد الحاج سالم وهو نازح بالمخيم استهدفه القصف "سمعنا عدة صواريخ انفجار طبعا المكان كله تحول إلى لهب لم نر بعضنا البعض الا بعد مدة النار اشتعلت في أجساد الشهداء والنساء والأطفال وتحول المكان إلى رماد وبعد فترة وجيزة جاءت فرقة الإطفاء واستطعنا إطفاء الحريق وتمكنا من انتشال الشهداء وجمع أشلاء الأطفال والنساء من على الأرض".
وحملت حركة حماس الإدارة الأميركية والرئيس جو بايدن بشكل خاص المسؤولية الكاملة عن "المجزرة".
وقالت حماس في بيان إن إسرائيل "لم تكن تستطيع ارتكاب هذه المجزرة لولا الدعم والضوء الأخضر" من قبل الولايات المتحدة لها باجتياح رفح رغم اكتظاظها بالنازحين.
وأضافت الحركة أن المنطقة التي نصب الناس فيها خيامهم كان الجيش الإسرائيلي قد أعلنها منطقة آمنة، وبالرغم من ذلك تم قصفها مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات معظمهم من النساء والأطفال "في تحد سافر لقرار محكمة العدل الدولية المطالب بوقف العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح".
وطالبت حماس في بيان "بالتطبيق الفوري والعاجل لقرارات محكمة العدل الدولية، والضغط من أجل وقف هذه المجزرة وسفك دماء المدنيين الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ".
كما دعت الحركة جماهير الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس والخارج إلى الخروج بمسيرات غاضبة احتجاجا على الحرب الإسرائيلية المستمرة بالقطاع.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أمرت إسرائيل يوم الجمعة الماضي بالوقف الفوري لهجومها العسكري وأي عمل آخر في رفح، ووصفت الوضع هناك بأنه "كارثي"
وطالبت المحكمة إسرائيل "باتخاذ تدابير فعالة لضمان الوصول دون عوائق لقطاع غزة لأي لجنة تحقيق أو بعثة لتقصي الحقائق أو أي هيئة تحقيق أخرى تفوضها الأجهزة المختصة التابعة للأمم المتحدة للتحقيق في ادعاءات الإبادة الجماعية".
وقال خليل الدقران الطبيب بمستشفى الهلال الإماراتي بحي تل السلطان في رفح والذي استقبل عددا من جثث القتلى والمصابين "وصلت الجثث إلى المستشفيات الميدانية أشلاء مقطعة ومتفحمة ومن الإصابات التي وصلت المستشفيات الميدانية بمحافظة رفح إصابات خطيرة جدا منها حروق كاملة هذا ناهيك عن أن المنظومة الصحية في محافظة رفح معظم مستشفياتها خرجت عن المنظومة الصحية".
كانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت الأحد ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين في الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول الماضي إلى 35 ألفا و984، بينما زاد عدد المصابين إلى 80 ألفا و643.
وسبق الضربات الإسرائيلية على مخيم النازحين برفح إعلان كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، قصف مدينة تل أبيب بوسط إسرائيل برشقة صاروخية كبيرة، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بإصابة شخص وسقوط شظايا صواريخ بعدة مواقع.
وأعلن الجيش الإسرائيلي إطلاق صفارات الإنذار من الصواريخ في وسط إسرائيل.
وقال الجيش إنه رصد إطلاق ثمانية صواريخ من منطقة رفح باتجاه وسط إسرائيل، مضيفا أن منظومة الدفاع الجوي اعترضت عددا من الصواريخ.
وذكرت صحيفة (هآرتس) نقلا عن خدمة الإسعاف (نجمة داود) القول إن شخصا أصيب بجروح طفيفة جراء شظايا صاروخ في هرتسليا.
كما أفادت الصحيفة بسقوط شظايا صواريخ بعدة مواقع، منها مدينة رعنانا وبين مدينتي بتاح تكفا وبني براك.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن هذه هي المرة الأولى التي تنطلق فيها صفارات الإنذار بالهجمات بوسط إسرائيل منذ أربعة أشهر.
نقص حاد في الغذاء برفح
قالت متحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في مقابلة صحفية إن مخزونات الغذاء في رفح ودير البلح وخان يونس بقطاع غزة لا تكفي لأكثر من أربعة أيام.
وأضافت المتحدثة عبير عطيفة لصحيفة الاتحاد الإماراتية أن الوضع في غزة "خطير، وينذر باندلاع كارثة ومجاعة شاملة في الشمال، قد تمتد إلى المناطق الجنوبية".
ومضت قائلة "على المجتمع الدولي التحرك بسرعة، واتخاذ إجراءات عاجلة لفتح المعابر، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية مشددة على ضرورة وضع حد لمعاناة سكان غزة، وتوفير الدعم اللازم لهم "قبل فوات الأوان".
في الوقت نفسه حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من عودة شبح المجاعة مجددا إلى شمال القطاع في ظل انعدام المواد الغذائية.
وأكد أن المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة "غير كافية على الإطلاق"، معتبرا أن إدخال المساعدات عبر معبر بيت حانون (إيريز) بشمال القطاع لن يلبي الاحتياجات.
وأضاف المكتب أن كميات الوقود التي دخلت القطاع لا تكفي لتشغيل مستشفى واحد.
وفيما يتعلق بإخراج المصابين للعلاج عبر معبر كرم أبو سالم بجنوب القطاع، قال المكتب إن ذلك يحتاج إلى "تدخلات دولية" في ظل إغلاق معبر رفح، مؤكدا أن ثلث الجرحى البالغ عددهم أكثر من 80 ألفا بحاجة ماسة لعلاج غير متوفر داخل غزة.
حل الدولتين أساس السلام والأمن
أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن المملكة ركزت في اجتماع الرياض نهاية أبريل نيسان الماضي واجتماع بروكسل الذي انعقد على مسألة إبقاء حل الدولتين فاعلا، مشيرا إلى بوادر الإجماع في أوساط المجتمع الدولي حيال ذلك، والذي يضمن أمن وحقوق الشعب الفلسطيني.
وأوضح خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي، والممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، أن الوضع في قطاع غزة "بات حرجا، لذلك يجب وقف إطلاق النار على الفور".
وأشار إلى أن المجتمع الدولي متفق على ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار بما في ذلك إطلاق سراح المحتجزين قائلاً إن "الوضع الإنساني في غزة مستمر في التدهور بسرعة وبشكل غير مقبول على الإطلاق".
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن وزير الخارجية قوله إن اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة بشأن التطورات في غزة تهدف إلى معالجة الأزمة في القطاع ودفع قضية الدولة الفلسطينية إلى الأمام، مشيرا إلى العمل على تحقيق حل الدولتين ليكون أساسا دائما للسلام والأمن في المنطقة.
من جانبه أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري وممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي بوريل على ضرورة التوصل لوقف لإطلاق النار في قطاع غزة ووقف العمليات العسكرية في رفح وضمان إنفاذ المساعدات الإنسانية للقطاع.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية في بيان على فيسبوك إن شكري جدد خلال اجتماع مع بوريل في بروكسل الأحد التحذير من مخاطر العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية "لتداعياتها الإنسانية الكارثية على أكثر من 1.4 مليون فلسطيني، وتأثيراتها الأمنية على السلام واستقرار المنطقة ومقدرات شعوبها".
وأضاف المتحدث أن وزير الخارجية المصري طالب "بضرورة امتثال إسرائيل لالتزاماتها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال وإزالة جميع العقبات التي تضعها أمام عملية دخول المساعدات، وفتح جميع المعابر البرية بين إسرائيل والقطاع".
وأكد شكري على رفض مصر "توظيف إسرائيل إمعانها في السيطرة على كافة معابر القطاع كأداة لإحكام الحصار وتجويع الشعب الفلسطيني في غزة، وخلق واقع غير مأهول بالحياة في القطاع، مشدداً على رفض مصر القاطع لأية محاولات لدفع الفلسطينيين للتهجير خارج أراضهم، أو تصفية القضية الفلسطينية".
وشدد شكري وبوريل على أهمية احترام وحماية العاملين في المجال الإنساني وعدم استهداف إسرائيل لمقرات وكالات الإغاثة الدولية "وضمان وصول وحرية تنقل أطقم الإغاثة في قطاع غزة إتساقا مع القانون الدولي الإنساني".
وفي وقت لاحق، أكد المتحدث باسم الخارجية المصرية أن عددا من وزراء خارجية الدول العربية والاتحاد الأوروبي عقدوا اجتماعا لبحث سبل دعم فلسطين على هامش انعقاد أعمال مجلس الشئون الخارجية للاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وأوضح المتحدث أن الاجتماع ركز على تطورات القضية الفلسطينية وضرورة وضع حد للأزمة الإنسانية في غزة عن طريق وقف إطلاق النار وضمان دخول المساعدات الإنسانية وفتح جميع المعابر بين إسرائيل وقطاع غزة لزيادة تدفق المساعدات.
وشدد شكري على أهمية تقديم الدعم للسلطة الفلسطينية حتى تستطيع مواصلة القيام بمهامها وعلى أن تفرج إسرائيل عن أموال المقاصة المحتجزة للسلطة الفلسطينية وضرورة وقف اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، "والرفض القاطع للإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب وغير الشرعية بضم أراضي أو بناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية والقدس".