قالَ لي صاحبي بلهجةٍ ماكرة - وهو يُريدُ أن يُحمِّلَ المرجعيَّةَ ما آلت إليه الأمورُ في العراق - لو أنَّ المرجعيَّةَ أشارت إلى واحدٍ من السياسيين وقالت: انتخبوه رئيساً, لانتخبَه النَّاس.
وكأنَّه أراد أن يدفع إشكالاً مفاده:أنَّ النَّاس لا يُطيعونها, فقال: ألم يُطِعها النَّاس في فتوى الجهاد الكفائيّ؟
فقلتُ له: الرسول الأعظم - صلى الله عليه وآله - أطاعه النَّاس في اثنتين وثمانين موقعةً حربيَّةً مابين معركةٍ وغزوة ومنها معارك بدر وأحد والخندق, وحين أشار إلى أمير المؤمنين - عليه السلام - في غير موطن, بل حتى أنَّه - صلى الله عليه وآله - رفع يدَه في غدير خُم ونصبه علماً للناس وقال إن الله اختاره مولىً لكم - وبلغة العصر - فانتخبوه ذهبوا لغيره, ممن لا يُساووا غرزةً في نعله.
وقد أطاع القومُ أمير المؤمنين - عليه السلام - في صفين والجمل, ولمَّا أشار في قضية التحكيم إلى ابن عبَّاس ان انتخبوه, ذهبوا إلى أبي موسى الأشعريّ,
قالت لهم: انتخبُوا, فلم ينتخبوا,
وقالت للذين انتخبوا: اختاروا الأصلح, فاختاروا مَن لا صلاح له ولا دين,
وقالت: المُجرّب لا يُجرب, فأعادوا المُجرَّبين.
فليس من اللازم إذا أطاع النَّاس المرجعية في الفتوى أن يُطيعوها في غيرها, فتلك قضيَّة تتعلَّق بالنَّص والاجتهاد.