السبت 18 شوّال 1445هـ 27 أبريل 2024
موقع كلمة الإخباري
ما هي فائدة «الإسراء والمعراج» للنبي (ص)؟
آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
2024 / 03 / 28
0

بادي ذي بدء يجب الالتفات الى أنّ الآية الأولى من سورة الأسراء ناظرة الى حركة النبي (صلى الله عليه وآله) من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى فحسب و ساكتة عن سيره الى السموات، لكن يمكن استفادة ذلك من آيات أخر نظير:

«علّمَهُ شديدُ القوى * ذو مرّة فاستوى * و هو بالأفق الأعلى» الى قوله: «عندَ سدرةِ المنتهى* عندَها جنّة المأوى * إذْ يَغشى السِدرةَ ما يَغشى * مازاغَ البصرُ و ماطَغى * لقدْ رأى من آياتِ ربّهِ الكبرى» (1).

تحكي هذه الآيات بوضوح سير النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الى السموات، لكنّ الآية الأولى من سورة الاسراء تحكي عن بداية هذا السير فقط الذي حدث على الأرض، أما الهدف من هذا السير (كما ذكر في آيات سورة النجم) فهو «مشاهدة الآيات و الآثار الالهية العظيمة لعالم الخليقة».

بديهي أنّ هذه المشاهدة مشاهدة حضورية ولاتحصل المشاهدة الحضورية للموجود ذي الجسم إلاّ بحضوره لدى الموجود الذي يبغي مشاهدته، وما كتبتم من أنّ النبيّ مطلع على أحوال السموات بدون السير اليها فيجاب عليه أنّ هناك تباين كبير بين هذا العلم و الاطلاع و بين المشاهدة عن كثب، نظير ما لو وقع حدث في إحدى المدن و قد تناهى الى أسماعنا ذلك الخبر لكنّنا لم نكن حاضرين في محل وقوعه، و لم نرى ما جرى بأم أعيننا; الحضور في محل الحدث و مشاهدته يترك بصمات عميقةً على روح الانسان، بينما لايمتلك العلم الغيابي ذلك الأثر.

 بناءً على هذا، أراد الله سبحانه و تعالى أن يرى نبيه الكريم آثار عظمته بأم عينه ليصبح قلبه البصير أكثر بصيرةً، ولو تصور أحد أنّ بإمكان النبي (صلى الله عليه وآله) رؤية آثار عظمة الباري جلّ علا في العوالم العلوية من على ظهر الأرض فقد أخطأ، و لا ينطبق تصوره مع الحقيقة، فمن ناحية الجسم يمتلك النبي (صلى الله عليه وآله) خواصاً جسديةً في عالم المادة، و لعين الانسان قدرة محددة في النظر.

===========

الهوامش:

1. سورة النجم، الآية 5 ـ 18.

المقال رداً على السؤال: جاء في بداية سورة الأسراء من القرآن الكريم ما نصه: «سُبحانَ الذي أسرى بعبده ليلا من المسجدِ الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حولَهُ لنُريَهُ من آياتِنا إنّهُ هو السميعُ البصيرُ».

أجيبونا رجاءً لماذا أسرى بالنبي المنتجب؟ إن قلنا إنّ الله تعالى كان يريد أن يُري مكانه له فهذا ليس بصحيح، لأنّه ليس لله مكان محدد و هو موجود في كل مكان، و اذا كان المراد اطلاعه على الكواكب و المجرات و المناظر المتميزة لعالم الخلقة يرد الاشكال أيضاً، لأنّنا ـ نحن المسلمون ـ نعتقد أنّ النبي(صلى الله عليه وآله)و الائمة (عليهم السلام) يحيط علمهم بكل شيء.



التعليقات