الجمعة 8 ذو القِعدة 1445هـ 17 مايو 2024
موقع كلمة الإخباري
تطابق للرؤى بين العبادي والصدر… وحزب المالكي لن يعود لدفّة الحكم
2018 / 05 / 22
0
مشرق ريسان
يخوض تحالف «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر، حراكاً ماراثونياً للتحاور مع الكتل والشخصيات السياسية الفائرة في الانتخابات التشريعية العراقية، بهدف الاتفاق على «البرنامج الحكومي» المقرر اعتماده في المرحلة المقبلة، ومن ثم الاتفاق على شخص رئيس الوزراء والحكومة الجديدة.
وقالت مصادر مطلعة على المباحثات التي يجريها تحالف «سائرون»، إن الأخير يركز، خلال اللقاءات التي يجريها الصدر واللجنة التفاوضية، على تحقيق اتفاق وتوافق بشأن البرنامج الحكومي.
المصادر، أكدت سعي «سائرون» لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، تحقق تمثيلاً واسعاً لعموم الطيف العراقي. ورغم أن تحالف الصدر لم يطرح ملف تسمية رئيس الوزراء المقبل، غير أن هناك «رفضاً» على تولي حزب «الدعوة» الإسلامية دفّة الحكم في المرحلة المقبلة. سكرتير الحزب الشيوعي العراقي والقيادي في تحالف «سائرون» رائد فهمي، قال إن «الاتصالات لا تزال مستمرة (مع الكتل السياسية)، وهناك استعدادات تبدو طيبة من بعض الأطراف»، مبيناً أن «الحوارات جارية مع الكتل، وهناك تفاهمات مع كتل جديدة، لكن من المبكر الحديث عن التوصل إلى اتفاقات نهائية، كون أن هناك عددا من الأطراف، لم يتم عقد لقاءات معمّقة معها. مجرد اتصالات أولية يجب أن تتبعها مباحثات أخرى».

رؤية مشتركة

تحالف «سائرون» الذي يحمل «برنامجاً إصلاحياً» بعيداً عن المحاصصة التي سادت في الدورات البرلمانية الماضية، يركّز على بلورة رؤية مشتركة، خلال لقاءاته وحواراته.
ورغم رفض الصدر لمبدأ المحاصصة، لكنه يؤكد أهمية تمثيل جميع المكونات في «الكتلة الأكبر»، شريطة توافقها مع «الوجهة الجديدة» للحكومة المقبلة، وتشكيلها على أسس «المهنية والكفاءة»، إضافة إلى أهمية أن تضم شخصيات تجمع ما بين الإخلاص والنزاهة، وبين الخبرات العملية والكفاءة. ويستعرض فهمي أبرز الملفات التي يعتزم «سائرون» تنفيذها خلال المرحلة المقبلة، قائلاً: «الحكومة المقبلة تتوجه نحو تأمين الخدمات وخلق فرص العمل، التي تعدّ من أبرز المطالب الأساسية للشعب». وعلى الصعيد السياسي، تابع سكرتير الحزب الشيوعي العراقي، والذي حصل على مقعد برلماني عن تحالف سائرون، إن «المبدأ السياسي الذي يتم التوافق عليه، يتعلق بأن يكون قرار الحكومة الجديدة عراقيا وطنيا يدعم السيادة الوطنية، وإقامة علاقات متوازنة مع دول الجوار والعالم، وفقاً للمصالح المشتركة». وأضاف: «العراق يبقى قوة سلام على الصعيد الإقليمي، ولن يدخل في محاور ضد أي طرف، ويعمل من أجل خلق بيئة للسلام، حتى ينصرف إلى بناء وضعه الداخلي والإعمار، إضافة إلى إمكانية الاسهام في تقليل حدة التوتر في المنطقة وليس في تصعيدها».
واعتبر أن مبدأ «محاربة الفساد» سيكون «نهجاً ثابتاً» في الحكومة المقبلة، ومعالجته عبر إجراءات على مختلف المستويات،»، لافتاً إلى وجود «مشتركات بين جميع التحالفات على أساس تلك الأهداف، التي يمكن بلورتها إلى منهاج جديد».

استقطاب الأكراد

وعن تحرك تحالف «سائرون» على الأحزاب السياسية الكردية في إقليم كردستان العراق، تساءل فهمي: «هل من الممكن إقامة حكومة تمثل المجتمع العراقي من دون حضور كردستاني؟ هذا أمر غير ممكن. من حيث المبدأ، لا يختلف أحد على هذا الأمر، لكن من هم الأطراف الكردستانية؟».
وعقب إعلان نتائج الانتخابات، وتصدر الحزبين الكرديين الحاكمين (الديمقراطي، بزعامة بارزاني، والاتحاد، بزعامة طالباني) نتائج الانتخابات البرلمانية في محافظات الإقليم ونينوى وكركوك، سجلت 6 أحزاب سياسية كردية اعتراضها، متهمة الحزبين بـ»تزوير» نتائج الانتخابات لصالحهما. ويبدو أن الخلاف الكردي ـ الكردي لن يؤثر على الحوار بين «سائرون» والأحزاب الكردستانية، بهدف «تمثيلهم» في الكتلة الأكبر. وقال فهمي، وهو وزير العلوم والتكنولوجيا السابق، «ما يهمنا هو وجودهم (الأكراد). والحوار معهم ضروري»، مشيراً إلى أنه «في ظل وجود العديد من القضايا العالقة، ينبغي حلها وفقا للدستور العراقي، خصوصاً إن هناك إجماعاً على ذلك». وأضاف: «نحن ندعم إيجاد حلول مناسبة، والتركيز على النقاط الضرورية لضمان مشاركة الطرف الكردستاني»، كاشفاً في الوقت عيّنه عن «اتصالات تجري حالياً. هناك وفود- على مستوى عال، ومخوّلة من كردستان ستأتي لاستئناف الحوارات. اللقاءات ستكون على مستوى جميع الأطراف، من بينها سائرون والحزب الشيوعي العراقي».

برنامج حكومي

من المقرر أن يتم الإعلان «رسمياً» عن التحالفات السياسية، ضمن المدد الدستورية المحددة، في ظل «حرص» القوى السياسية على إتمام تلك المهمة بأسرع وقت، وفقاً لفهمي الذي أشار إلى أن «البعد البرنامجي، لن يشمل الاتفاق على العناوين فقط- مثل مكافحة الفساد، بل يجب أن يقترن بإجراءات وتفصيلات، وأن يكون جزءاً من البرنامج الحكومي، تحت عنوان الإصلاح». وتابع: «الاختبار الحقيقي للإصلاح يتم الآن، من خلال عملية تشكيل الكتلة الأكبر والحكومة المقبلة. المنهج والطريقة التي تجري حاليا تختلف عن الطرق السابقة».
وطبقاً للمصدر، «لم يتم التطرق لأسماء تتعلق بمنصب رئيس الوزراء والكابينة الوزارية»، موضّحاً أن الأمر «ترك لما بعد الاتفاق على مضمون وجوهر البرنامج. ما يجري الآن هو الاتفاق على ما الذي نريده من الحكومة المقبلة، ليتم بعد ذلك الانتقال إلى اختيار رئيس الوزراء». واعتبر القيادي في تحالف «سائرون» أن «الاتفاق على البرنامج، يسهل عملية اختيار رئيس الوزراء والكابينة الوزارية»، مستعرضاً أبرز النقاط التي تم الاتفاق عليها في الحوارات واللقاءات، قائلاً: «من بين المبادئ التي تم الاتفاق عليها، هو أن لا تكون الأشخاص والحصص أساساً للصراع، بكون إن البلد يجب أن ينهض من خلال مشروع وطني إصلاحي جامع، يقيم علاقات دولية متوازنة ويخلق فرص عمل ويطور القطاعات الإنتاجية (الزراعة والصناعة)، ويخلق البيئة المناسبة لجذب الاستثمار، ويطور ويصلح النظام الإداري والقضائية وغيرها».
وفي حال تم الاتفاق على هذه المبادئ العامة، فإنها تمهد للخطوة المقبلة، وهي اختيار رئيس الوزراء. وأكد فهمي أن «سائرون لن تجعل من شخص رئيس الوزراء- على الرغم من أن لديها مرشحين، عقبة أمام التوصل إلى حل، في حال جرى الاتفاق على البرنامج». ونوه إلى أن «اللقاءات والحوارات مع بقية الكتل، لن تشهد فرض شخصيات محددة لشغل منصب رئيس الوزراء المقبل»، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن «هناك أطرافاً عبّرت عن رفضها لشخصيات محددة (من دون تسميتها). هناك من لديه رغبات وتصورات لكن ليس فرض أسماء محددة».

عقبة أمام العبادي

حزب «الدعوة» الإسلامية، بزعامة المالكي، الذي تصدر المشهد السياسي والحكومي بعد عام 2003، يواجه «رفضاً سياسياً واسعاً» لاستمرار الحزب في تولي إدارة الدولة، نتيجة الإخفاقات التي رافقت العملية السياسية خلال ثلاث دورات برلمانية سابقة.
وقالت مصادر مُطلّعة، أن «تحالف سائرون ليس لديه اعتراض على شخصية رئيس الوزراء الحالي، زعيم ائتلاف النصر حيدر العبادي، لكن العقبة الوحيدة تتعلق بإمكانية تخلي العبادي عن حزب الدعوة من عدمها». وطبقاً للمصادر، فإن اللقاء الأخير الذي جمع العبادي بالصدر، تم التطرق لهذا الموضوع (استقالة العبادي من الحزب) مقابل تمديد الولاية له، كون أن «هناك أطرافاً داخل سائرون وأخرى مقربة من العبادي وحزب الدعوة، لا تريد استمرار الحزب في إدارة البلد، نظراً لما حملته التجربة الماضية من سوء إدارة». ويسعى تحالف سائرون إلى «التغيير»، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه من خلال إشراك من أسهم في التراكمات السابقة، وفقاً للمصادر، التي تساءلت «من المسؤول عما جرى طوال الفترة الماضية؟» في إشارة إلى حزب الدعوة الإسلامية. ويبدو أن السحر انقلب على الساحر، بخسارة ائتلاف دولة القانون تحقيق الأغلبية السياسية، وتحوّله إلى معارضة داخل البرلمان. وأوضحت المصادر أيضاً، أن «جّل القرارات التي تصدر من تحالف سائرون تأتي بالتشاور بين الصدريين والشيوعيين»، مؤكدةً إنه «حتى الآن لا يوجد أي شيء رسمي عن انضمام كتلة محدّدة لتحالف سائرون، باستثناء تيار الحكمة الوطني بزعامة عمار الحكيم، وتحالف بيارق الخير بزعامة وزير الدفاع السابق خالد العبيدي». وخرجت كتلة «بيارق الخير» من تحالف «النصر» بزعامة العبادي، الأمر الذي يعني ارتفاع عدد مقاعد «سائرون إلى أكثر من 80 مقعداً، بانضمام العبادي والحكيم.

خريطة طريق

في المقابل، وصف تحالف «النصر» بزعامة العبادي، اللقاء الأخير الذي جميع العبادي بالصدر، أنه كان «إيجابياً»، وتضمن «شبه توافق» أو اتفاق على وجهات النظر وتطابق الرؤى بشأن المرحلة المقبلة. المتحدث باسم تحالف «النصر»، حسين العادلي قال، إن اللقاء تضمن أيضاً «اتفاقاً أولياً على خريطة طريق، وعلى تفاهمات تخص مبادئ وأسس المرحلة المقبلة»، مبيناً إن الزعيمين «اتفقا على الانفتاح على جميع الكتل الفائزة في الانتخابات. هناك باكورة تفاهم عميق على أساس خارطة طريق وأسس ومبادئ، وننتظر الانتهاء من جولة اللقاءات والحوارات. الرؤية ستتبلور شيئاً فشيئاً». وعن إمكانية الانفتاح على ائتلاف دولة القانون- بزعامة المالكي، أوضح العادلي قائلاً: «نحن نتحدث اليوم عن مسار جديد وأسس ومبادئ إدارة المرحلة المقبلة، بما فيها الإصلاح السياسي، وقضايا الفساد وسيادة الدولة، وعدم انخراطها في صراع المحاور في المنطقة، فضلا عن الانتهاء من نظام المحاصصة». وتابع: «نحن بصدد بلورة معالم وأسس النظام أو الحكم الجديد، أكثر من الاهتمام بالمسميات والشخوص. سابقاً كان يُصار إلى توافقات على مستوى الأشخاص أو الأحزاب، قبل الذهاب إلى صياغة البرنامج الحكومي، أما الآن فالآية انقلبت، ونعمل بهذه الطريقة». وأكد العادلي عدم وجود «خطوط حمّر على أي كتلة أو شخصية سياسية، بقدر توافقها مع برنامجنا»، مشيراً إلى إن «مدى قربنا أو ابتعادنا يعتمد على جملة من الأسس والمبادئ». ويأتي ذلك في وقت كشفت تسريبات صحافية عن لقاء مرتقب يجمع الصدر والعبادي والحكيم وأياد علاوي ومسعود بارزاني، في أربيل أو مدينة الموصل، لإعلان تحالف مشترك. غير أن العادلي نفى علمه بهذا اللقاء، لكنه أكد أن «اللقاءات قائمة، وهناك اتصالات ثنائية متعددة الاتجاهات». في الأثناء، اكد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أن على السلطة التنفيذية القادمة أن تبني «اسس العدل والرفاهية» وليس القصور والجدران، فيما أشار إلى أنه لابد أن تكسر فوهة البندقية ويقف ضجيج الحرب. وقال في تغريدة له على موقعه الرسمي في «تويتر»، «بعد أن بنى الشعب بصوته السلطة التشريعية ومن خلال الملحمة الانتخابية الرائعة، فعلى السلطة التنفيذية المقبلة أن تبني للشعب أسس العدل والرفاهية والأمان، لا أن تبني قصورا وجدرانا». وأضاف «كلا لجدار الخضراء وكلا للفساد وكلا للتحزب وكلا لأزيز الطلقات»، مشدداً «لابد أن تكسر فوهة البندقية ويقف ضجيج الحرب».
كذلك، عقد زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي لقاءً، أكدا فيه ضرورة المضي بـ»حوار مشترك» مع القوى التي تؤمن ببرنامجهما، حسب بيان مقتضب لمكتب الحكيم.


التعليقات