الخميس 7 ذو القِعدة 1445هـ 16 مايو 2024
موقع كلمة الإخباري
تمثيل النساء في السياسة العراقية.. ديكور أم ضرورة؟!
انتصار الماهود
كاتبة وصحفية عراقية
2024 / 04 / 23
0

المرأة، ذلك الكائن العظيم، نصف المجتمع وعماده القوي، لايوجد أبدا من ينكر أهمية دورها، في كل المجالات التي خاضتها، هي أم وزوجة و موظفة وقائدة وسياسية، هي أهل للأعباء والمسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتقها، برعت بكل الميادين دون منافس، و إستطاعت أن تترك بصمتها المميزة.

إن دور المرأة في السياسة العراقية بعد عام 2003 مختلف جدا عما قبلها، فقد أصبح التمثيل السياسي والبرلماني للمرأة أقوى ووجودها ضرورة ملحة.

لقد حاولت الحكومات العراقية بعد 2003، من زج المرأة في العمل السياسي، كخطوة لإعادة الثقة بين الحاكم والمحكوم، ولأهمية أن يكون هنالك من يمثل المرأة العراقية وتبني قضاياها وحقوقها، وهل هنالك أفضل من المرأة لتمثيل النساء؟!.

لقد ضمن المشرع العراقي حقوق النساء في الدستور العراقي وأن يكون لها تمثيلا خاصا في البرلمان من خلال نظام الكوتا والذي يتيح للنساء أن تحصل على مقعد برلماني حتى لو لم تحصل على النسبة القانونية المقرة في الدستور، كنظيرها الرجل وبذلك ضمن نسبة 25% من المقاعد البرلمانية بعدد 83 مقعدا، وخاضت النساء الإنتخابات البرلمانية من عام 2006، وحتى يومنا هذا، وإستطاعت خلال 6 دورات إنتخابية، من الحصول على نسب متزايدة من المقاعد البرلمانية، بدءً من عام 2006 بواقع 78 مقعدا منها 21 دون كوتا، حتى عام 2021 وقد حصلت على 97 مقعدا منها 57 دون كوتا، وهذا دلالة على إزدياد الثقة بين الناخب والبرلماني، وبالذات النساء، كما حصلت على مناصب تنفيذية مهمة خاصة في الحكومة الأخيرة حيث كان من نصيب السيدات 3 وزارات، منها حقيبة سيادية و هي المالية، إضافة للهجرة و والإتصالات.

كان من المهم جدا أن تكون للنساء دور أكبر بعد سقوط البعث، ورغم وجود جيل قوي ومتمكن من النساء آنذاك، وله خبرة لا يستهان بها في جميع الميادين، والسبب طبعا يعزا، الى إنشغال الرجال في حروب عبثية، في ثمانينات و تسعينات القرن الماضي، وتركهم لفراغ كبير، في الحياة العامة إستطاعت النساء من أن تسد هذا الفراغ، وتعوض عن غياب الرجل الذاهب للحرب، الإ أن الفرص لم تكن متوفرة الإ إذا كانت النساء من المطبلين لجرذ العوجة ومن الداعمين لسياساته، عداها كان مفهوم العمل السياسي مبهما ومشوها، ولم يكن التمثيل البرلماني النسوي حقيقيا فيه.

إن إنتماء النساء للأحزاب السياسية والإنخراط في العمل الميداني، لم يكن سهلا أبدا، وطريقهن لم يكن مفروشا بالورود، فإنتماء المرأة لحزب سياسي، أو ممارسة العمل التشريعي لم يكن هينا، بسبب عوامل كثيرة خارجية وداخلية، منها التركة الثقيلة سيئة الصيت بسبب الحزب الأوحد وسيطرته على مقاليد الحكم، وتقبل الشارع العراقي لوجود المرأة في السياسة، خاصة أن المجتمع العراقي تغلب عليه الأعراف العشائرية والسلطة الأبوية والهوية الإسلامية رغم وجود ديانات أخرى، إضافة للتدخلات الخارجية الدولية في دور المرأة، وفرض وترويج للنموذج الغربي في مجتمعاتنا.

لذلك يجب أن يكون النموذج السياسي النسوى، يمثل القيم والأعراف والمحافظة عليها، دون إنتزاع هويتها، ولأن العراق بلد متعدد الأطياف ودستوره ضمن حقوق الجميع، وإختلف التمثيل النسوي السياسي، بين الأحزاب المدنية والإسلامية بكل تفرعاتها، حسب رؤية وتوجه الحزب السياسي.

كثيرا ما يعاب على الأحزاب الإسلامية، بضعف التمثيل النسوي أو كبحه، ونرى تيارات علمانية ومدنية تتهم الإسلاميين بتقييد المرأة ومنعها من أخذ دورها الريادي، وأن معظمهن قرارهن مقيد برئيس كتلتهن، الإ أن الواقع مختلف تماما، فبعض الأحزاب الإسلامية، وصل التمثيل في هيئاتها السياسية أكثر من 30% من كوادرها الحزبية، وهي كوادر قيادية فعالة، على عكس بعض الأحزاب المدنية، والتي لا يمثل وجود النساء فيها اكثر من 20% من كوادرها دون دور حقيقي، عدا أن الأحزاب الإسلامية نجحت بتصدير شخصيات نسوية مهمة، أثرت في الواقع العراقي عكس النماذج التي صدرتها الأحزاب المدنية، رغم أنه جهود الأحزاب الإسلامية، لم تكن على مستوى طموحاتنا والرؤية الشاملة للوضع السياسي، لكنها أفضل من التيارات المدنية والعلمانية، وأحزابها، التي وظفت المرأة سياسيا بصورة خاطئة وإستغلتها أبشع إستغلال، وصدرت للشارع العراقي نماذج هجينة لا تمت للمرأة العراقية بأي صلة، وكأن خلع الحجاب، والحرية المفرطة، هي كل هم النساء في العراق، أين حق العيش الكريم؟!، والتعليم المناسب و الحصول على فرص العمل، والريادة في المجتمع والمحافظة على الأسرة؟! فمثل هذه الحقوق لم تكن لها الاولوية لدى التيارات المدنية.

لقد تركت التيارات المدنية وأحزابها، صورة سيئة أمام المجتمع الدولي عن نساء العراق، مخالفة لواقع وطبيعة المرأة العراقية المحترمة المحتشمة، سيدة المنزل والعاملة المجدة.

إن تلك الإشكالية التي يعاني منها المجتمع، في الإجابة عن أهمية دور المرأة السياسي، تحتاج الى وقفة جادة، حكومية أم حزبية، من أجل تصدير ودعم نماذج نسوية واعية مثقفة قيادية، تستطيع تغيير الواقع للأفضل، تعمل على نيل النساء لحقوقهن مع الحفاظ على النسيج الإجتماعي وبنية الأسرة العراقية، وأن نمنع الترويج والدعم للشخصيات النسوية المشبوهة، التي لا تمثل هوية وطبيعة السيدة العراقية.

التعليقات