بايدن: دول عربية بينها السعودية مستعدة للاعتراف الكامل بإسرائيل مجلس الخدمة يوجه دعوة لحملة الشهادات الأوائل رئيس الأركان الأمريكي: لا أعتقد أن النزاع مع الصين حتمي عسكري إسرائيلي يحذّر من انهيار الجيش تظاهرات في البصرة بسبب ارتفاع أسعار البنزين المُحسّن مستشار السوداني يتحدث عن ملفات مهمة ستحسم مع "واشنطن".. وسلم الرواتب سيتغير البنزين المُحسّن.. مخاوف من تداعيات رفع أسعار الوقود بقرار "غير مدروس"! علاج منزلي لـ "تشقق القدمين" مسؤول رفيع: إسرائيل لم تتسلم كل الأسلحة التي طلبتها من الولايات المتحدة بوتين: لن نهاجم «الناتو» بل سنسقط مقاتلاته البرلمان: لا أزمة مالية في العراق.. والرواتب مؤمّنة في موازنة 2024 مقتدى الصدر يشكل لجان مركزية تضم "مستشارين" و "الكتلة الصدرية" (وثيقة) هادي العامري: العراقيون عاشوا كابوساً حقيقياً جثمَ على صدورهم كيف تختار شاحن لاسلكي لهاتفك الذكي؟ رفع أسعار البنزين المحسّن.. الحكومة تكشف الأسباب وموعد عودة السعر القديم الأردن: الربط الكهربائي مع العراق سيدخل الخدمة يوم السبت المقبل الداخلية تعلن القبض على 10 متهمين في بغداد دراسة تكشف علاقة غريبة بين ChatGPT وفقدان الذاكرة المنجزات مقابل البانزينات مكتسبات تنسفها القرارات! الإسراء والمعراج.. حقيقته وأهدافه ما هي فائدة «الإسراء والمعراج» للنبي (ص)؟ الكهرباء تستعد لـ "شهر أيار" المقبل بصيانات استباقية التجارة تكشف مصير "البطاقة التموينية" وعلاقتها بـ "البطاقة الموحدة" النزاهة تضبط 16 متهماً بـ "جريمة الرشوة" السوداني يترأس اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني هل حادثة "رد الشمس" حقيقية؟ ولماذا تأخر الإمام علي عن الصلاة؟!! وفاة النائب السابق "محمد الهنداوي" بعد صراع مع المرض مجلس النواب يرفع جلسته مسعود بارزاني: لن نلتزم بقرارات المحكمة الاتحادية التربية تعلن جدول الامتحانات المهنية العامة

الصيف قادم: «البصرة».. صداع في رأس حكومة عبد المهدي!
الأحد / 14 / نيسان - 2019

ميثاق مناحي العيساوي

على الرغم من حالة اليأس التي تصيب العراقيين، نتيجة سوء الوضع العام في البلد، لاسيما بعد اجتياح تنظيم "داعش" ثلث مساحته الجغرافية، وما سببه من دمار وخراب وخسائر بشرية واقتصادية، إلا أن التفاؤل والأمل لم ينقطع عن قلوب وعقول العراقيين بأن تكون صدمة داعش مفتاح الاستقرار السياسي في العراق، وأن تكون حكومة ما بعد "داعش" بمثابة الأمل الذي يحقق طموح العراقيين في إيجاد حكومة عراقية وطينة، قادرة على انتشال العراق من دوامة العنف السياسي وحالة عدم الاستقرار التي تزين المشهد السياسي العراقي منذ عام 2003.

هذا التفاؤل تحول إلى كابوس، عندما أعادت القوى والاحزاب السياسية العراقية سيناريوهات تشكيل الحكومات العراقية السابقة مع الحكومة الحالية، وأن رئيس الوزراء الحالي السيد عادل عبد المهدي الذي بدأ متحمساً للوهلة الأولى، عندما اختير رئيساً للوزراء واعلن عن قدرته في معالجة التحديات التي تقف في طريق نجاحه، لاسيما فيما يتعلق بملف الفساد المستشري في كل مفاصل الدولة العراقية ونقص الخدمات العامة، والنهوض بالواقع الاقتصادي وتحسين الوضع السياسي، لم يستطيع حتى الآن أن يكمل تشكيلته الحكومية، على الرغم من مرور ما يقارب النصف عام تقريباً على تشكيلها.

بالتأكيد أن السيد رئيس الوزراء الحالي يدرك جيداً صعوبة المرحلة، لكن على ما يبدو، بأنه لم يضع حركة الاحتجاجات والتظاهرات التي تجتاح وسط وجنوب العراق بين الحين والأخر، لاسيما في محافظة البصرة، في خانة التحديات التي ستزيد من معوقات نجاح حكومته، أو اسقاطها أو إجباره على تقديم استقالته في اقل الخسائر. وإن حكومته لا تختلف عن الحكومات العراقية السابقة في تعاطيها مع حركة الاحتجاجات والمظاهرات وطبيعة التعامل معها.

هذا التجاهل والتّعمد في تسويف مطالب المحتجين في محافظة البصرة، أثمر عن وسائل ضغط كبيرة مارسها المحتجون على حكومتهم المحلية من أجل التخلص من هيمنة الحكومة المركزية والوقف على مكامن الخلل التي تشل الواقع الخدمي والاقتصادي الذي تعيشه محافظة البصرة. ونتيجة لهذا الضغط صوت مجلس محافظة البصرة بالأجماع على قرار تحويل المحافظة إلى إقليم، إذ قرر مجلس محافظة البصرة، في 1 أبريل/نيسان 2019، التأكيد على قراره السابق بالمضي على تحويل المحافظة إلى إقليم، لحماية المدينة من المركزية المقيتة، "حسب وصف رئيس المجلس صباح البزوني". وأن حكومة البصرة المحلية خاطبت رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بشأن الموضوع لغرض احالته الى مفوضية الانتخابات، وبانتظار رد رئيس الوزراء.

إلا أن الأخير التزم الصمت وأرسل بعض القيادات السياسية إلى المحافظة سراً من أجل التأثير على قرار مجلس المحافظة والعدول عنه في الوقت الحالي. وهذا ما يؤشر على اشكاليتين كبيرتين في طبيعة تعاطي رئيس الحكومة مع هذا القرار:

الإشكالية الأولى: إن السيد رئيس الوزراء ما يزال يجهل قوة حركة الاحتجاج، ولم يتمكن من تقليص الفجوة الكبيرة التي خلفتها الحكومات السابقة بين الحكومة والمحتجين، سواء من خلال اللقاء بهم أو من خلال الاستماع إلى مطالبهم وتحقيق ما يمكن تحقيقه خلال المدد الزمنية المتاحة. وأن سلوك رئيس الوزراء اتجاه قرار المحافظة، يدل عل أن رئيس الوزراء ما يزال يؤمن بأن القرار الذي اتخذه مجلس محافظة البصرة يمثل رأي المجلس وليس رأي المحتجين؛ لذلك نراه قد بعث ببعض القادة السياسيين إلى المحافظة من أجل التأثير على مسار القرار.

الإشكالية الثانية: إن رئيس الوزراء الحالي ما يزال يؤمن أيضاً بـ(إمكانية ودور) القوى والأحزاب والنخبة السياسية العراقية في حل المشاكل العالقة بين الحكومة والمحتجين، في الوقت الذي تشكل فيه الاحزاب وقادتها محور المشكلة الاساسية التي تقف بين المحتجين والحكومة.

إن مسار الاحتجاج في محافظة البصرة، التي اندلعت منتصف عام 2015 في شمال محافظة البصرة، احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي وسوء الخدمات، عاودت الظهور مرة ثانية وبشكل أوسع في 3 ايلول 2018، إثر تسمم آلاف الأشخاص من جراء تلوث مياه الشرب، ينذر بموسم احتجاج كبير للغاية ضد حكومة عبد المهدي، لاسيما مع قدوم شهر الصيف، وتحمل في طياتها مخاطر كبيرة على الحكومة العراقية والعملية السياسية برمتها، لاسيما وأن السيد رئيس الوزراء في زيارته إلى محافظة البصرة قد صرح، بأن "هناك مشاريع مرَّ عليها سنوات ولم تنجز، وسنكون محظوظين إذا أنجز منها 50%، وألغى مشاريع استثمارية كبرى تتعلق بالخدمات العامة كانت قد أقرَّتها الحكومة السابقة، منها ما يتعلق بمياه الشرب التي تعتبر إحدى أهم معضلات البصرة، فضلاً عن مشاكل ‏الكهرباء والصحة والتعليم والطرق والاتصالات"، مما يؤشر على أن حركة الاحتجاج في محافظة البصرة، ربما تضع حكومة السيد عبد المهدي على المحك.

نتيجة لذلك، هناك بعض الخيارات إمام السيد عادل عبد المهدي في التعامل مع قرار مجلس محافظة البصرة:

• أما أن يقبل بالقرار، ويتخذ الاجراءات القانونية ويحيله بعد ذلك إلى مفوضية الانتخابات العراقية من أجل النظر فيه؛ وذلك من أجل تخفيف الضغط عن حكومته ورمي الكرة في ملعب مجلس محافظة البصرة. وهذا الخيار يبدو من الصعوبة بمكان تحقيقه في الوقت الحالي؛ لأسباب سياسية وحزبية وإقليمية أيضاً.

• أو أن يرفض القرار، وهذا الرفض سيفرض عليه طريقتين بالتعامل مع المحتجين. أما أن يستمع لمطالب المتظاهرين ويسخر امكانيات حكومته من أجل توفير مطالبهم المشروعة، وهذا الأمر قد يحمل مبالغة كبيرة، أو أن يرفض القرار ويضع نفسه أمام مطالب المحتجين بالتسويف مرة وبالمواجهة مرة أخرى.

وفي كل الاحوال، يبدو بان خيارات الحكومة الحالية في التعامل مع أزمة محافظة البصرة وقرار مجلس المحافظة محدودة جداً؛ وذلك بسبب حالة عدم الثقة التي زرعتها الحكومات السابقة والاحزاب والقوى السياسية بين الشعب والحكومة؛ نتيجة السياسات الحكومية الفاشلة وحجم الفساد المستشري في مفاصل الدولة العراقية منذ عام 2003 وحتى الآن. فضلاً عن ذلك، إن فشل الحكومة العراقية في مواجهة أزمة البصرة، سيفتح الباب أمام مشاكل وتحديات أخرى، تتعلق بمطالب المحافظات الأخرى، وإن موافقة الحكومة على انشاء إقليم البصرة، سيمهد إلى مطالبات مماثلة من قبل المحافظات غير المنتظمة بإقليم.

بموازاة ذلك، اعتقد بان الحكومة العراقية ستعتمد على اللامركزية الإدارية أو ستزيد من صلاحيات مجالس المحافظات "على أقل تقدير" كنوع من انواع تخفيف الضغط على الحكومة الاتحادية، على الرغم من التحديات الكبيرة التي تقف حجر عثرة في تطبيق اللامركزية في العراق، وفي طليعتها الفساد وعدم أهلية مجالس المحافظات وضعف الخبرة الإدارية للموظفين العراقيين في تحمل مسؤولية السلطات المركزية.

* باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية/2004-2019