رئيس الأركان الأمريكي: لا أعتقد أن النزاع مع الصين حتمي عسكري إسرائيلي يحذّر من انهيار الجيش تظاهرات في البصرة بسبب ارتفاع أسعار البنزين المُحسّن مستشار السوداني يتحدث عن ملفات مهمة ستحسم مع "واشنطن".. وسلم الرواتب سيتغير البنزين المُحسّن.. مخاوف من تداعيات رفع أسعار الوقود بقرار "غير مدروس"! علاج منزلي لـ "تشقق القدمين" مسؤول رفيع: إسرائيل لم تتسلم كل الأسلحة التي طلبتها من الولايات المتحدة بوتين: لن نهاجم «الناتو» بل سنسقط مقاتلاته البرلمان: لا أزمة مالية في العراق.. والرواتب مؤمّنة في موازنة 2024 مقتدى الصدر يشكل لجان مركزية تضم "مستشارين" و "الكتلة الصدرية" (وثيقة) هادي العامري: العراقيون عاشوا كابوساً حقيقياً جثمَ على صدورهم كيف تختار شاحن لاسلكي لهاتفك الذكي؟ رفع أسعار البنزين المحسّن.. الحكومة تكشف الأسباب وموعد عودة السعر القديم الأردن: الربط الكهربائي مع العراق سيدخل الخدمة يوم السبت المقبل الداخلية تعلن القبض على 10 متهمين في بغداد دراسة تكشف علاقة غريبة بين ChatGPT وفقدان الذاكرة المنجزات مقابل البانزينات مكتسبات تنسفها القرارات! الإسراء والمعراج.. حقيقته وأهدافه ما هي فائدة «الإسراء والمعراج» للنبي (ص)؟ الكهرباء تستعد لـ "شهر أيار" المقبل بصيانات استباقية التجارة تكشف مصير "البطاقة التموينية" وعلاقتها بـ "البطاقة الموحدة" النزاهة تضبط 16 متهماً بـ "جريمة الرشوة" السوداني يترأس اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني هل حادثة "رد الشمس" حقيقية؟ ولماذا تأخر الإمام علي عن الصلاة؟!! وفاة النائب السابق "محمد الهنداوي" بعد صراع مع المرض مجلس النواب يرفع جلسته مسعود بارزاني: لن نلتزم بقرارات المحكمة الاتحادية التربية تعلن جدول الامتحانات المهنية العامة البرلمان يصوت على توصيات اللجنة المكلفة بخصوص فيضانات محافظة دهوك مجلس النواب يصوت على تعديل قانون العقوبات العراقي

صديق الأعداء: بائع يوفر ما يحتاجه المشتري.. الصداقة لم تنفع عمر البشير!
الجمعة / 12 / نيسان - 2019

إسماعيل عزام

نجح عمر البشير في أن يكون حليفاً لجميع المتخاصمين في المنطقة، واستطاع الحصول على دعمهم في عزّ الأزمة في بلاده، إذ زار الدوحة لأجل تعزيز العلاقات، ثم نال اعترافاً سعودياً بالوقوف إلى جانبه، وهو ما تكرّر مع مصر، وبدرجة أقل مع الإمارات، فيما أكدت تركيا نظرتها للنظام السوداني كشريك استراتيجي.

غير أن كل هذه الصداقة لم تنفع عمر البشير في تفادي عزله من لدن الجيش بعد المظاهرات الواسعة التي نادت برحيله، وأضحت كل هذه القوى الإقليمية تترقب مصير علاقاتها في المرحلة القادمة، وهل ستحافظ الدولة السودانية القادمة على هذه التحالفات مع المتخاصمين أم ستنهج خيارات جديدة تنحاز فيها إلى معسكر دون آخر. ووحده الاتحاد الإفريقي من أعلن عن موقف واضح يرفض استيلاء الجيش على السلطة.

ويزداد التحدي قوة مع الغموض الذي تشهده السودان، فهل ستستمر مع حكم الجيش؟ وهل سيفي العسكر "الجديد" بالنهج البراغماتي للبشير؟ أم أن إمكانية ولادة دولة ديمقراطية في السودان سيعيد تشكيل سياسة الدولة على أساسٍ مغاير تماماً لماضي البشير في التقارب مع الجميع؟

هدية لمناهضي الإسلام السياسي؟

شاركت القوات السودانية في حرب اليمن إلى جانب التحالف الذي تقوده السعودية، ورغم كل المطالب الشعبية بالانسحاب، إلّا أن قيادة السودان أصّرت على موقفها، وهو وضع مرشح مع قائد المجلس العسكري الجديد، عوض بن عوف، الذي أعلن على الدوام عن مواقف مؤيدة لحرب اليمن. ويعدّ الموقف السوداني عاملاً رئيسياً في وقوف الرياض إلى جانب الخرطوم بعد الاحتجاجات، إذ توجه وفد وزاري سعودي للقاء البشير لأجل التمهيد لحزمة مساعدات اقتصادية جديدة. لكن الرياض تبقى مترددة في إعلان موقفها بعد الانقلاب الجديد، شأنها شأن الإمارات.

السيسي داعم للبشر

أما الجارة مصر، ورغم كل الخلافات التي تجمعها بالسودان، خصوصاً ما يتعلّق مثلث حلايب، والخلاف حول سد النهضة، إلّا أن السيسي كان واضحاً عندما أكد دعمه لعمر البشير خلال استقباله في القاهرة. وسبق للمحلل السياسي بشير قمورية أن صرّح أن السيسي يفضل استمرار نظام البشير، لأنهما يشتركان في البنية العسكرية، زيادة على التخوّف المصري من تدهور أمني في السودان، يؤثر سلباً على حدودها الجنوبية.

وحتى بعد سقوط نظام البشير، لم تخف القاهرة اهتمامها بدور الجيش في السودان، عندما أعربت عن "ثقتها الكاملة في قدرة الشعب السوداني الشقيق وجيشه الوطني الوفي على تجاوز تلك المرحلة الحاسمة".

البشير والإخوان المسلمين

بيدَ أن هناك جانباً إيجابياً في سقوط عمر البشير بالنسبة لهذا المعسكر، فعمر البشير كان يترأس حزب المؤتمر الوطني، أحد أقطاب الإسلام السياسي في السودان. ورغم محاولة البشير التبرؤ من الفكر الإخواني، في سعيه للتقرب من الحلف الإماراتي-السعودي-المصري، إلّا أن إعلام هذه الدول بقي يربط بين البشير وبين الإخوان، كأنها دلالة على عدم ثقة هذه الدول في الإسلاميين، خاصةَ مع استمرار البشير في علاقاته القوية مع قطر وتركيا.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية السوداني عبده مختار موسى ، أن عبد الفتاح السيسي رغب في استمرار البشير، نظراً للتفاهمات بينهما في المجالين الأمني والاستراتيجي، دون الحركة الإسلامية، وكان دائماً يضغط عليه للتخلص منها، لكن إزاحة البشير أكدت كذلك تراجع شعبية الإخوان المسلمين في السودان، وهو وضع مريح للسيسي وحلفائه، الذين يرون أن سقوط أيّ نظام يقوم على الحركة الإسلامية، مهما كانت متانة العلاقات معه، أمراً في صالحهم، لكن بحذر شديد، يوضح مختار موسى.

تهديد للمصالح القطرية-التركية؟

كان أمير قطر، تميم بن حمد، من أوائل من وقفوا مع عمر البشير في بداية الأزمة، وهو أمر لم يكن مستغرباً نتيجة الاتفاقيات الاقتصادية الكبيرة بينهما، ومن ذلك اضطلاع الدوحة بتأهيل جزء من ميناء جزيرة سواكن السودانية التي حصلت تركيا على حق إدارتها لفترة غير محددة. التقارب بين الدول الثلاثة انبنى أساساً على المصلحة، وليس فقط على تشاطر دعم الإسلام السياسي. ومن خلال هذا التقارب، يتأكد ما صرّح به المعارض محمد حسن عريبي سابقا: "البشير هو ذلك البائع الذي يقوم بتوفير كل ما يحتاجه المشتري، سواءً أكان ذلك جنوداً للمشاركة في الحروب (في إحالة إلى حرب اليمن) أو دعماً سياسياً لتمكين الآخرين من التوسع في إفريقيا".

لكن عبده مختار موسى يستبعد أن تدخل العلاقات بين السودان من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى منعطفاً مظلماً بعد إزاحة البشير: "تركيا وقطر لديهما علاقات كبيرة جدا مع السودان، وأستبعد وقوع أيّ توتر، خاصةَ أنه إن سارت الأمور كما هو مخطط، فيتولى التيار الإسلامي المعتدل الحكومة القادمة نظراً لشعبيته بين الجماهير".

غير أن إمكانية استمرار الجيش في الإمساك بزمام الأمور تثير المخاوف القطرية-التركية، لا سيما أن هناك قوى إقليمية قد ترفض التوجه إلى المسار الانتخابي ما دام يتيح الإمكانية للإسلام السياسي بتوّلي السلطة. وهو ما يترجمه بيان الخارجية التركية التي توقف كثيراً عند "الإرادة الشعبية، وطلب احترام "الديمقراطية الدستورية، والتوافق الوطني". ومن المتوقع أن تزداد حدة الاستقطاب في السودان خلال المدة القادمة، بين القوى الإقليمية المناوئة للإسلام السياسي والداعمة له، ما يجعل التحدي مضاعفاً على السودانيين، بين مواجهة الانقلاب الجديد، وبين الوقوف في وجه الضغوط الإقليمية.

هل يثبت الاتحاد الإفريقي على موقفه؟

يشرف الاتحاد الإفريقي على قارة متعددة التوترات، وعانى في تاريخه القريب من كثرة الانقلابات العسكرية التي أدخلت العديد من الدول في صراعات دامية على السلطة، لذلك يحاول الإعلان عن مواقف صارمة تخصّ رفضه الخروج عن العملية السياسية، وقد سبق له تعليق عضوية مصر بعد عزل الجيش لمحمد مرسي، وفعل الأمر ذاته مع مالي وغينيا وغينيا بيساو عام 2012، لذلك يبقى بيانه الذي رفض فيه استيلاء الجيش على السلطة في السودان (صار الاتحاد ينظر إلى عمر البشير كرئيس مدني) منتظراً، ومن الممكن أن يتخذ الاتحاد إجراءات أخرى أكثر حدة، تجسيدا لـ"اتفاقية لومي" التي تنصّ على احترام المسار الديمقراطي.

إلّا أن خالد الشكراوي، أستاذ في معهد الدراسات الافريقية بجامعة محمد الخامس، يرى أن المواقف الصارمة للاتحاد لا تعني أنه لن يتراجع عن موقفه، فهو يتأقلم مع التطورات وسبق أن أعاد عضوية الدول التي شهدت انقلابات عسكرية، خاصة عندما تستعين هذه الدول بالانتخابات كما جرى في مصر. ويوضح الأستاذ أن عدم الالتزام بالمبادئ الأساسية يعدّ من مشاكل الاتحاد الإفريقي، ومن الأمثلة الأخرى على ذلك، التراجع عن مبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار، كما جرى في انفصال جنوب السودان.

ويشير الشكراوي أن جلّ الأنظمة الإفريقية ليست لها الشجاعة اللازمة للتحمس لمطالب الشارع في السودان، لأنها تعاني إشكاليات ديمقراطية، وأغلبها حمى عمر البشير في إطار لغة المصالح، وهو ما ينسحب على الاتحاد الإفريقي الذي ينتمي مسؤولوه الكبار لهذه الأنظمة. ويبرز الأستاذ أن كلّ ما يرغب به الاتحاد القاري من السودان هو تفادي المشاكل، وتحديداً تفادي انفجار الوضع الأمني في بلد جاء في منطقة ذات أهمية بالغة من الناحية الإستراتيجية.