نشرت صحيفة العرب اللندنية، السبت،
تقريراً حذرت فيه من عودة جديدة للاحتجاجات واصفة إياها بـ "جولة
جديدة لانتفاضة تشرين".
وبحسب التقرير، فإن الصحيفة نقلت تحذيرات من استثمار خصوم "الكاظمي" للتظاهرات المرتقبة.
وفيما يلي نص التقرير:
يتشكل في العاصمة العراقية بغداد حاليا مشهد يحاكي مناخ ما يسميه العراقيون "انتفاضة تشرين"، في إشارة إلى حركة الاحتجاجات التي انطلقت في أكتوبر 2019
ويمكن لأي جولة في بغداد هذه الأيام أن تحصي عدد المواقع التي يعتصم فيها المتخرجون من الجامعات العراقية المختلفة، طلبا لوظيفة حكومية.
ولا يكاد موقع يقع قبالة مبنى وزارة ما، في حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، يخلو من المحتجين والمعتصمين وخيامهم، وهو مشهد مستنسخ بشكل شبه تام من أحداث مماثلة وقعت العام الماضي في توقيت مقارب.
وبدأت الاحتجاجات، التي جرت العام الماضي، بتجمعات للخريجين الباحثين عن العمل أمام مقرات الوزارات العراقية في بغداد خلال الصيف، وسرعان ما تحولت إلى اعتصامات مفتوحة.
وبمجرد أن سمع المعتصمون أمام الوزارات بشروع المحتجين في التوافد على ساحة التحرير وسط بغداد، تحولوا إليها سريعا، ما منح التظاهرات زخما كبيرا منذ لحظة انطلاقها.
ويتعمد المعتصمون التجمع في تقاطعات حيوية، للفت أكبر قدر من الأنظار إلى مطالبهم، لكنهم في الغالب يتسببون في أزمات مرورية خانقة.
ويتوزع الشبان المعتصمون أمام الوزارات حسب الاختصاص، فمهندسو الطاقة يتجمعون قرب وزارتي النفط والكهرباء وحملة الشهادات العليا يحيطون بوزارة التعليم العالي والمتخرجون من كليات المعلمين يقفون قرب وزارة التربية، ويقولون إنهم أولى بالعمل في هذه الوزارات بدل التعيينات العشوائية القائمة على الفساد والمحسوبية.
ويمكن ملاحظة حجم الاختناقات التي يتسبب فيها اعتصام المتخرجين قرب مدخل يؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث مقر الحكومة والبرلمان، من جهة منطقة العلاوي شديدة الزخم، حيث يقع أحد أكبر مرائب النقل الداخلي في البلاد.
وليس بعيدا عن هذا الموقع، وتحديدا في منطقة البيجية، تعتصم مجموعة أخرى قُبالة وزارة الكهرباء، مطالبة بالحصول على فرص عمل.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، وحتى حلول المغيب، تصبح عملية اجتياز شارع حديقة الزوراء، الواصل بين موقعي الاعتصام، أمرا عصيًّا على سكان العاصمة العراقية، بسبب قطع الطرق والسجالات المستمرة بين المعتصمين وقوى الأمن.
ويقول نشطاء إن أجواء “تشرين جديد” تتشكل في بغداد، ما لم تسارع السلطات إلى تنفيس الاحتقان الشعبي الكبير، بسبب البطالة ونقص الخدمات.
ويحذر مراقبون من أن الأحزاب والميليشيات والجماعات العراقية التابعة لإيران جاهزة للاستثمار في هذا الاحتقان الشعبي وتوجيهه ضد حكومة الكاظمي.
وبعد أن اتهم متظاهري أكتوبر بالعمالة لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والإمارات، لأنهم تظاهروا ضد حكومة عادل عبدالمهدي، المؤيدة من قبل المرشد الإيراني علي خامنئي، يعود الإعلام العراقي الذي يديره الحرس الثوري الإيراني إلى تغطية تجمعات الخريجين أمام مقرات الوزارات العراقية، ولكن ليس بوصفها أفعالا تخريبية كما كان يصفها قبل نحو عام واحد، بل لأنها تتطابق مع ما يضمنه الدستور من حريات، فضلا عن أنها تمثيل لمطالب مشروعة.
وتستضيف المحطات الفضائية العراقية التابعة لإيران حاليا وجوها للدفاع عن بوادر التظاهرات في بغداد، كانت قد استضافتها قبل نحو عام للحديث عن حراك أكتوبر، عندما كان المتظاهرون آنذاك مجرد حفنة مخربين مدعومين من الخارج، بغض النظر عن تورط حكومة عبدالمهدي ومن ساندها من قادة الميليشيات في حملات لقنص وتعذيب واختطاف المتظاهرين، استمرت عدة أسابيع.