شامل عبد القادر
الرئيسُ الفرنسي الراحل شارل ديغول عيّن الاديب اندريه مالرو وزيرا للثقافة فاكتسب احترام المثقف الفرنسي وامتنان الثقافة الفرنسية، ومثلما تعكس وزارة الخارجية الهوية القومية والوطنية للبلد من خلال وزيرها فإن وزارة الثقافة تفصح من خلال وزيرها عن الهوية الحضرية والتقدمية للبلد ونظام الحكم، وقد فرضت الهوية اليسارية والتقدمية للنظام العراقي بعد 14 تموز 1958 على الزعيم عبدالكريم قاسم تعيين فيصل السامر وزيرا للارشاد التي كانت الحاضنة الأم فيما بعد لوزارة الثقافة والاعلام، وهكذا شهدنا وزراء للارشاد أو الثقافة يتم اختيارهم من الوسط الاعلامي والصحفي بعد ان كان الجيش هو الذي يزود الحكومات بضباط يتم تعيينهم وزراء للثقافة الخارجية والصناعة!.
انور السادات اختار يوسف السباعي وزيرا للثقافة. وفي العراق الجمهوري اختير الشاعر شفيق الكمالي وزيرا للاعلام، وتبعه حامد الجبوري وكريم شنتاف وسعد قاسم حمودي وطارق عزيز بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية والايديولوجية، ولكنهم في الاغلب كانوا محسوبين على المثقفين والادباء!.
بعد عام 2003 فرض معيار المحاصصة الطائفية والتوازنات السياسية في اختيار الاشخاص لوزارة الثقافة .. واليوم بعد خمس حكومات سادت ثم بادت ثمة ضجة بين اوساط المثقفين حول منصب وزارة الثقافة،إذ هناك شبه إجماع على ضرورة اختيار شخص من الوسط الثقافي للمنصب، وليس شخصا غريبا عن الثقافة، ولا يمت لها بأي صلة!.
لقد تناوب على الوزارة اشخاص لاعلاقة لهم بالثقافة باستثناء الاستاذ فرياد الوزير الحالي الذي يحسب على الصحفيين، وبلغ من الاستخفاف بمنصب وزير الثقافة ان رئيس حكومة سابق عين وزير الدفاع وزيرا للثقافة، وبذلك حل المدفع محل القلم، والأنكى من ذلك ان الوزارة تحولت في عهد المدفعجي الى وزارة مناطقية، بحيث عين خريج الفندقة والسياحة مديراً لمركز الدراسات والبحوث، لأنه من منطقة سكن معالي الوزير!.
المثقفون لايطالبون بتعيين محمد خضير أو رئيس اتحاد الادباء أو نقيب الفنانين أو أي اسم آخر وزيرا للثقافة، بل يطالون بالتمسك بالمعيار المهني في اختيار الوزير، بعيدا عن المحاصصة والتوازنات السياسية!.
أنا اجزم أن المثقفين لن يرضوا عن أي اسم يطرح للوزارة بسبب نرجسية أغلبهم، فلو اختار السيد رئيس الحكومة حسن العلوي أو فخري كريم أو صباح المندلاوي أو عارف الساعدي أو فيصل الياسري، أو (س) أو (ص) – على سبيل المثال لا الحصر - فستهب عاصفة جديدة من النقد والتجريح والرفض!.
إذاً اتركوا وزارة الثقافة في اختيار وزيرها للمعايير المهنية فقط لا لمعايير المحاصصىة والتوازنات السياسية.. وبهذا سننجح جميعا!.