د. سعدي الابراهيم
لا يوجد تعريف واحد متفق عليه للعقيدة العسكرية، لكنها على العموم تتضمن عدة معان، ومنها انها تعني المبادئ والقيم التي تؤمن بها القوات المسلحة، وتكون مستعدة للموت في سبيلها.
العقيدة العسكرية في العراق، كانت ومازالت ترتبط بالنظام السياسي وبالهوية الوطنية العراقية، فالمبادئ التي يؤمن بها النظام تصطبغ بها هوية العراق القومية، ومن ثم تفرض او تترجم الى القوات المسلحة.
العراق عقب عام 2003، صار يحكم بشكل ديمقراطي تعددي، وهذا شيء ايجابي لو ان النظام تمكن من تعزيز الهوية الوطنية ، لكن المشكلة ان المحاصصة قد اضعفت الهوية الوطنية، بفعل تعددية المبادئ التي تؤمن بها النخبة الحاكمة ، وبالتالي فقد انعكست حالة التشتت السياسي على العقيدة العسكرية العراقية ايضا . وهذا الخلل لا يتحمله العسكري، بل تتحمله النخبة الحاكمة، التي لم توحد توجهاتها الوطنية، كي يسير عليها العسكر، بل عددتها بحسب رؤاها ومنهجها الخاص بكل منها .
بالرغم من صعوبة هذه المشكلة، لكن الامر ليس مستحيلا، بل من الممكن ان ترسى دعائم العقيدة العسكرية، عبر سلسلة من الاليات، من بينها الآتي:
1 – ابعاد المؤسسة العسكرية عن السياسة :
كما اشرنا اعلاه، الخلل في المؤسسة السياسية انعكس بشكل مباشر على المؤسسة العسكرية، وبالتالي فلابد من عزل القوات المسلحة بمختلف صنوفها عن الصراعات والاختلافات السياسية . ويتم ذلك عبر تعيين وزراء المؤسسات الامنية من القادة الميدانيين غير المتحزبين، واعتبار كل جهة سياسية تتدخل في شؤون القوات المسلحة مخالفة للقانون والدستور وتضر بمصلحة العراق العليا.
2 – تحديد فحوى العقيدة العسكرية :
لابد ان تكتب وتوضح العقيدة العسكرية، وتعلم وتًفهم لعناصر القوات المسلحة، وهي لا تخرج عن جعل العراق هو الجهة الوحيدة التي ينبغي ان يكون الجندي مستعدا للموت في سبيلها ، وان الولاء العسكري للوطن فقط وليس لمذهب او قومية او منطقة .
3 – تفعيل القانون العسكري وتطويره :
القوات المسلحة بمختلف صنوفها، عبارة عن اشخاص منظمين، وبالتالي من يخالف النظام، ويميل الى هويته الفرعية، يعتبر مخالف للعقيدة العسكرية، وينبغي ان يعاقب، ومن يأتي بسلوكيات او تصرفات تضر بالانتماء للوطن هو الاخر يكون عرضة للعقاب الصارم . هذا القانون يطبق على الجند بمختلف مراتبهم وصنوفهم واماكن عملهم.
4 – التجنيد الالزامي :
في حال لم تتمكن الدولة من ترسخ العقيدة العسكرية في ذهنية الجند، فلابد من اعادة العمل بالتجنيد الالزامي وفق اليات جديدة، يحافظ فيها على عافية القوات المسلحة، وفي الوقت عينه مراعاة احوال الجنود والظروف الجديدة للعراق .
هكذا، فأن العقيدة العسكرية لابد من اعادة النظر فيها، ولابد من التفكير بطرق علمية و وطنية لتطويرها، بالأخص وان العراق معرض للتهديدات الخارجية، فضلا عن حاجته لترسيخ الامن في الداخل.