الخميس 9 شوّال 1445هـ 18 أبريل 2024
موقع كلمة الإخباري
على ماذا نلطم؟!
2018 / 01 / 10
0

إليليا إمامي

(الموضوع يحتاج لطم)، بهذه العبارة بدأ المتكلم حديثه، وهو يذكر مسألة زواج القاصرات في فقه آل محمد عليهم السلام، وقال إنه لا يريد قراءة المزيد لأنه (تلعب نفسي).

تلك النفس التي (تلعب) من ذكر أحكامنا الشرعية، وذلك الجمهور الذي تصاعدت منه القهقهات والضحكات على مسألة شرعية، يعتبرها انتهاكا لحقوق الأطفال، دعونا نبقى معه لدقائق، لنفهم في نهاية المطاف من الذي يقدس الطفولة، ومن الذي يتلاعب بها.  

دعوني أبدأ بمثال:

لو دخلت الى حفل، أو مطعم يعمل بنظام البوفيه المفتوح، والأكل كله أمامك، فصرت تأخذ من كل نوع وتراكم الطعام على الطاولة بطريقة المهووس (الما شايف) وقررت إدارة المطعم منعك من هذا التصرف الذي يضر بسمعتهم، فماذا سيعملون؟

هل سيقررون إلغاء نظام البوفيه المفتوح لان أحداً من الناس قرر استغلاله بشكل سيئ؟

أم سيقررون منعك من التلاعب بالقانون ويضعون لك حداً؟

كل عاقل يقول: أنهم سيقررون الثاني، لأن إلغاء نظام عام لكل الناس بسبب سوء إستغلاله من شخص واحد، ليس منطقيا.

الآن احتفظوا بهذا المثال، ودعونا مع الموضوع:

كان اعتراض المتكلم التحفه على مسألة فقهية هي (مسألة 8: لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين، دواماً كان النكاح أو منقطعاً، و أما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة و التقبيل و الضم والتفخيذ فلا بأس بها).

حسناً ياسيدي، إذا كنت تحب الدين، ثم تقرأ هذه الكلمات الصادمة … وتتخيل منظر الرجل الكبير وهو يمسك بطفلة صغيرة ويمارس هذه التصرفات معها برضا والدها وموافقته، ولا تستطيع الدفاع عن دينك الذي يبرر هذه التصرفات، فأنت فعلاً في موقف لا تحسد عليه.

هيا، الأفضل لك أن تدفن رأسك في التراب كالنعامة وتتبرأ من الإسلام، أو (تلعب نفسك)، وتضحك مع الجمهور على أحكام الدين المتخلفة.

ولكن، بما أنني باق هنا ولا انوي المغادرة خارج الإسلام، لدي سؤال أخير قبل أن تخرج أنت، وتغلق الباب خلفك.

هذا التصور الذي رسمته للمسألة، هل هو واقع الحال الذي كان يمارسه الناس في زمن تشريع النص الديني، أم هو تصورك أنت، وتخيلاتك أنت، وتعبير عن نفسيتك أنت ؟

هل كان الرجل مثلاً يأتي الى الأب ليخطب منه طفلته الصغيرة ويأخذها لبيته ؟ وربما تسمع بكاء الطفلة المسكينة وهي تبتعد عن أحضان أمها لتقع في أحضان زوجها.. وأبوها ميت القلب لايشعر بشيء تجاه كل هذا، ونبي (الإنسانية)  الذي أرسله الله رحمة للعالمين صار نقمة عليهم بتشريع هذه الأحكام العجيبة ؟

ستقول لي وأنت لاتزال تمسك بالباب وتريد الخروج طيب إذا لم يكن المسلمون يمارسون هذه التصرفات فما الداعي لتشريعها وتحليل زواج الأطفال؟

والجواب: إنك يا صديقي لا تعرف أي معنى للزواج غير وطء الزوجة والاستمتاع معها، بينما للزواج غايات أخرى مهمة، منها على سبيل المثال:

  1.  نشر الحرمة، بمعنى أنك قد تضطر أحياناً للتعامل مع عائلة معينة، ولكن هذه العائلة ليست من المحارم ولا تستطيع التعامل، فكانت العوائل المحترمة والتي تريد الحفاظ على دينها وشرفها، تعقد لك عقد زواج لفظي لإحدى الأطفال الصغيرات،  لتصبح من محارم العائلة، ولكن هل يعني ذلك أن كل زواج وعقد، لابد أن يتبعه ممارسة جنسية ؟ لعلك أنت تفكر بهذه الطريقة.  

ولأنك قد تفكر بهذه الطريقة، ذهبت وسألت الفقيه: هل يجوز لي لمس زوجتي وتقبيلها، فسيقول لك: أليست هي زوجتك ؟ القاعدة العامة تبقى (كل زوج له كافة الحقوق مع زوجته)  ولكن المفروض أن هناك رقابة عائلية تمنعك من إستغلال القانون لصالح رغباتك السيئة أو نفسيتك المريضة، وليس إلغاء القانون !!  (تذكروا مثال البوفيه المفتوح) .  

 

٢- فض الخلافات القبلية: حيث كانت بعض القبائل تتقاتل وتسيل منها دماء كثيرة، فجاء أصحاب (مخافة الله)  الذين (لاتلعب نفسهم)، وأرادوا حل الأمر بطريقة ذكية، فقرروا تزويج طفلة من هذه القبيلة، لطفل من القبيلة الأخرى، بموافقة الآباء، فقط لحقن الدماء، وجاء القوم ليسألوا المشرع الإسلامي هل هذا جائز ؟

فكان جوابه: إذا لم يخالف الحكم الشرعي بحرمة الوطء قبل البلوغ، فلا بأس.  

٣- الزواج للتوريث: إفترض أنك رجل محسن، تريد أن تهب حصة من أمواالك لعائلة فقيرة عفيفة، ولكنها لاتقبل صدقة من أحد، فيمكنك حينها أن توصل المبلغ أليهم بالإرث اللازم الذي لايستطيع أحد إنكاره، وهو أجراء عقد زواج لفظي مع طفلة من أطفال هذه العائلة، وتضمن بذلك مستقبلها حتى بدون أن تلمسها.

وهكذا توجد الكثير من الغايات وراء إجراء عقد الزواج ولاينحصر الامر بالإستمتاع والفراش، ولكن بعض الناس لايفهم من الزواج غير هذه الأمور ولذلك (تلعب نفسه) .  

أما نظرة الإسلام الى الطفولة وكيف يقدسها، فأتصور أن من لديه الوقت لكلام هذا الرجل، لديه الوقت ليبحث قليلا في روايات أهل البيت، وينظر وصاياهم و كيف يتعاملون من الروح الشفافة والنظيفة للأطفال.

وختاماً … أتذكر أن نفس هذا المتكلم النكرة أخذ في يوم من الأيام يمجد أمريكا.. ويذم قومه، وهذه طبيعة كل إنسان يشعر بعقدة النقص ويخجل من إنتمائه، وهنا يجب أن نذكره أن صحيفة United Press International نشرت بتاريخ الخامس من فبراير 2017 … بان العام 2016 شهد إرتفاع نسبة خطف وبيع البشر الى 35,7% بحيث وصلت الى 4890 قضية، (ومنها 2387 تجارة في الأطفال للأغراض الجنسية).

هذا بدون الحديث عن سنة 2015 والأعوام السابقة.

الآن يمكنك الخروج الى امريكا، وإغلاق الباب خلفك، وأتمنى فعلاً، أن لاتجد هناك موضوعاً، يحتاج لطم.

• الآراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي كلمة

 


التعليقات