بوتين: لن نهاجم «الناتو» بل سنسقط مقاتلاته البرلمان: لا أزمة مالية في العراق.. والرواتب مؤمّنة في موازنة 2024 مقتدى الصدر يشكل لجان مركزية تضم "مستشارين" و "الكتلة الصدرية" (وثيقة) هادي العامري: العراقيون عاشوا كابوساً حقيقياً جثمَ على صدورهم كيف تختار شاحن لاسلكي لهاتفك الذكي؟ رفع أسعار البنزين المحسّن.. الحكومة تكشف الأسباب وموعد عودة السعر القديم الأردن: الربط الكهربائي مع العراق سيدخل الخدمة يوم السبت المقبل الداخلية تعلن القبض على 10 متهمين في بغداد دراسة تكشف علاقة غريبة بين ChatGPT وفقدان الذاكرة المنجزات مقابل البانزينات مكتسبات تنسفها القرارات! الإسراء والمعراج.. حقيقته وأهدافه ما هي فائدة «الإسراء والمعراج» للنبي (ص)؟ الكهرباء تستعد لـ "شهر أيار" المقبل بصيانات استباقية التجارة تكشف مصير "البطاقة التموينية" وعلاقتها بـ "البطاقة الموحدة" النزاهة تضبط 16 متهماً بـ "جريمة الرشوة" السوداني يترأس اجتماعاً للمجلس الوزاري للأمن الوطني هل حادثة "رد الشمس" حقيقية؟ ولماذا تأخر الإمام علي عن الصلاة؟!! وفاة النائب السابق "محمد الهنداوي" بعد صراع مع المرض مجلس النواب يرفع جلسته مسعود بارزاني: لن نلتزم بقرارات المحكمة الاتحادية التربية تعلن جدول الامتحانات المهنية العامة البرلمان يصوت على توصيات اللجنة المكلفة بخصوص فيضانات محافظة دهوك مجلس النواب يصوت على تعديل قانون العقوبات العراقي ظريف يكشف عن مفاوضات مباشرة مع أمريكا تخص العراق وأفغانستان من ماليزيا.. النزاهة تسترد أحد المطلوبين بـ "اختلاس" الأموال الكهرباء: توقيع عقد مع شركة إيرانية لتوريد الغاز سعر صرف الدولار لهذا اليوم في الأسواق المحلية الداخلية: قررنا نصب رادرات وكاميرات حرارية على الطرق الدولية مولد السبط الزكي أسعار البنزين وساعات الدوام.. قرارات جديدة لمجلس الوزراء

الشعب مُحتجا ً!
السبت / 04 / آب - 2018
القراءة الصحيحة لمقال "السيستاني محتجا ً"..
نجاح بيعي 
نعم ..
لم يكن الأمر يحتمل خياراً ثالثا ً . فإما أن ينضم المواطنون المُحتجون ضد الطبقة السياسية الفاسدة ـ الحاكمة ويضمّوا صوتهم الهادر الى صوت السيد السيستاني الذي (بُحّ) باعتباره المُتظاهر والمُحتج الأول على تردي الأوضاع في العراق منذ سقوط الطاغية عام 2003م . أو أن يتحمل المواطنون المُحتجون مسؤولية الفشل المستمر والمتراكم لـ(الحكومة التي طالما تمرّدت على وصايا وإرشادات ونُصح مرجعية النجف) بعدم المشاركة الواعية في الإنتخابات أوفي انتخاب الصالح والكفوء والحريص على البلد من السياسيين .
فمّما لا شك فيه أن ما يدركه السيد السيستاني عبر قراءته المتأنية والعميقة للوضع العام للعراق والعراقيين ومُتابعته المتلاحقة للمشهد السياسي , يختلف تماما ً عن أوهام وأحلام السياسيين وما يريدون هم سماعه . فالمؤسسة الدينية في النجف الأشرف معنية دائما ً بمراعاة أمور الناس والمصلحة العامة لهم , وتحمِل على عاتقها منذ أن انبثقت ككيان ديني ـ اجتماعي بعد (الغيبة الكبرى) فلسفة الدفاع عن الأمة (الناس) أمام السلطة الجائرة مهما كانت هويتها عبر أدوار التاريخ . فهي مسالمة ما سلمت أمور المسلمين (الناس) من السلطة وإلا فلا . حتى ذهب البعض (كما يحلو له) أن صنّف (الشارع ـ الناس) وعدّه جزءا ً من المؤسسة الدينية . لأن (الشارع ـ الناس) لطالما استعان وطلب الحماية من المؤسسة الدينية حينما يشتد جور الحكام وظلم الحكومات عليهم وهي بدورها لا تأولا جهدا ً في ذلك . وما ذلك إلا لديمومة زخم (الأمة ـ المجتمع ـ الناس ـ الشارع) ورفده بالحياة وعدم ركونه لليأس ومن ثمّ الخنوع والموات نتيجة الإضطهاد .
فغضب الجماهير اليوم إنما جاء نتيجة لاستشعارهم بالاضطهاد وإحساسهم بالكرب نتيجة الإعتداءات المتكررة والمتواصلة على مقدراته من قبل الحكومات المتعاقبة عليه . خصوصا ً بعد أن أدرك لعبة تضليله من قبل الأحزاب السياسية , واتباع سياسة التجهيل وتوظيفهم للمُقدس باستخدامهم الشعارات الدينية في العمل السياسي , بهدف إبقائهم على الولاء الزائف لهم, وإظهارهم بمظهر المُدافع والحامي عن المذهب , بإسلوب طائفي مقيت عمّقت الشرخ أكثر وهدّد النسيج الإجتماعي بالتمزق حتى بات على شفا الحرب الأهلية الدموية .
في خطاب السيد السيستاني الأخير تحدث عن مجمل نصائحه (المهدرة) التي لم يؤخذ بها لا من قبل المسؤولين السياسيين ولا من قبل المواطنين على حدّ سواء . وإذا كان الخطاب خاليا ً من الإشارة الى قانون الإنتخاب غير المنصف , أو الإشارة الى عدم استقلالية مفوضية الإنتخابات فذلك لأن الكلام بهما قد سبق في خطبة سابقة . والعودة الى التكرار يفقد قوتها مع ملاحظة أن الطابع التكاملي لخطاب المرجعية العليا . وليس هناك عبارة أبلغ من عبارة المرجعية العليا في خطبة جمعة 4/5/2018م : (من الواضح أنّ المسار الإنتخابي لا يؤدّي الى نتائج مرضية إلّا مع توفّر عدّة شروط : منها أن يكون القانون الانتخابي عادلا ً يرعى حرمة أصوات الناخبين ولا يسمح بالالتفاف عليها ) والتي تُشير الى أن أي حكومة قادمة هي غير مرضيّ عنها بسبب وجود ذات الخلل مما لا يخفى .
فاصطفاف (الشارع ـ الشعب) مع مطالب المرجعية العليا في النجف الأشرف دليل وعي وإدراك و(فهم الشعب للإنتخابات كممارسة يتم تفصيلها كل أربع سنوات على مقاسات الأحزاب المتسلحة بالقوة والمال والقسر لتقود الى النتائج نفسها).
وإذا ما نظرنا الى اللغة التي استخدمها السيد السيستاني هذه المرة في خطابه الأخير نجدها غير دينية أيضا ً . وهي ذات اللغة التي ابتدأها حينما شرع في إبداء رأيه في الشأن السياسي العراقي عام 2003م واستمر هكذا الى اليوم . والسبب بسيط جدا ً هو ان المرجعية العليا لم تطرح نفسها كـ(زعامة دينية) أثناء تعاطيها الشأن السياسي . ولم تطرح نفسها كـ(زعامة) سياسية حتى وإن نادت بترسيخ دولة مدنية يحكمها القانون والدستور . المرجعية العليا تنطلق من موقعها الديني ـ الإجتماعي وتبدي رأيها في (الصالح والطالح) بكافة شؤون المجتمع بما في ذلك الشأن السياسي. 

نعم قد نلحظ في خطاب المرجعية العليا الأخير اختلافا ً جذريا ً في الأسلوب المعتاد في تقديم النصائح السياسية , وذلك ليس لنفاد ما بجعبتها من نصائح , بقدر ما هو إعراض الطبقة السياسية الفاسدة عن تلك النصائح . ولا ضير هنا إن فهم الخطاب على أنه أوامر صادرة من جهة عليا بعد أن وصل السيل الزبى من الفساد والإفساد . وبعد انطلاق التظاهرات والاحتجاجات التي هي حقيقة اصطفاف شعبي واعي مع توجهات المرجعية العليا الإصلاحية , وقابلتها بالتأييد لا على سبيل الأملاء أو احتكار الخيار والإرادة .
إن إلتحاق الشعب بركب المرجعية العليا في المطالبة في الإصلاح والتصحيح بازدياد حدّة التظاهرات , عدّ مؤشرا ً قويا ً جعلت المرجعية العليا لأن تُصعّد هي من نبرتها أيضا ً . الأمر الذي أربك المشهد السياسي بالكامل هذه المرّة . والوسط السياسي يدرك تماما ً بأن الرعب الذي داخلهم هو بسبب خطبة جمعة كربلاء الأخيرة في 27/7/2018م وليس شيئا ً آخر . وقد تمّ ترجمة هذا الرعب من قبل الطبقة السياسية المتنفذة بالإعتداءات (المرفوضة والمُدانة على المتظاهرين السلميّين وعلى القوّات الأمنيّة وعلى الممتلكات العامّة والخاصّة وانجرارها للأسف الشديد الى اصطدامات دامية خلّفت عدداً كبيراً من الضحايا والجرحى). وما ذلك إلا (لأن صوت الشعب ظهر مجسما ً وحاسما ً ولا يمكن التغاضي عنه أو تدليسه حزبيا ً) خصوصا ً وأن (الطبقة السياسية المُتمترسة خلف أسوارها لن تقدم أي تنازل إلا إذا كانت تحت طائلة هذا الرعب).
نعم .. العراق اليوم يقف في وسط مفترق خطير في تاريخه نتيجة الأخطاء المتراكمة للطبقة السياسية . والمرجعية العليا عندما قالت عبارة (وعندئذٍ سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عمّا هو اليوم عليه) لا تهدف من وراء ذلك تبني (تغيير) يُفضي الى (فتح باب الفوضى العارمة ليركبها الساعون الى خطف البلاد) ورميه الى المجهول .
فالتغيير المنشود من وجهة نظر السيد السيستاني فيما لو تم فعلا ً لا يكون في أصل (ديناميكية العملية السياسية الحالية) وذلك واضح لمن عرف تشخيص المرجعية العليا للخل الكامن في (عدم وعي ونضج كبار المسؤولين وزعماء القوى السياسية من أن الإصلاح ضرورة . وجود الخلافات السياسية المصطنعة . وعدم مراعاة العدالة الإجتماعية . وعدم مكافحة الفساد وحماية الفاسدين من أحزابهم . ومُمانعة الإصلاح والمراهنة على كبح التظاهرات وفتور المطالبة بالحقوق المهدورة من قبل الشعب) .
فالعملية السياسية الحالية (النظام السياسي التعددي البرلماني) ماضية بلا ريب . ولكن نجاحه منوط بإدراك الطبقة السياسية والمسؤولين لحجم المشكلة والخطر الذي يُداهم البلد أولا ً , وأن يُباشروا بالحركة الإصلاحية من داخل مؤسسات الدولة , ومن داخل أحزابهم من خلال تقديم (تنازلات كبرى من كل الأطراف) ثانيا ً.
ومن الخطورة جدا ً السماح للفهم الخاطئ لـ(التغيير) أن يجد مكانا ً أو مُتنفسا ً في الساحة العراقية المُلتهبة . كالتفكير في (ضرورة إيجاد مرحلة انتقالية تقودها حكومة ...) بحجة ضمان انتقال سلس وطبيعي لمرحلة جديدة . لأن ذلك يعود بالعراق وشعبه الى المربع الأول وستنفتح أبواب جهنم على مصراعيه .
أن أي استشراف لنوع وطبيعة الحكومة المقبلة لما بعد (وعندئذٍ سيكون للمشهد وجه آخر مختلف عمّا هو اليوم عليه) لا يخرج عن كونها حكومة تنبثق من رحم الدستور العراقي والسياقات القانونية الحالية وليس من خارجها . واختلاف (المشهد) إنما يكمن في تغيير تلك الوجوه الكالحة (الفاسدة) التي لم تجلب الخير للعراق والعراقيين . نعم ستكون حكومة (غير مُحاصصاتيّة) تمنع تدخل الحزب السياسي في عملها , وتمتص نقمة الشعب العراقي بتوفير الخدمات وتحقيق مطاليبه الكثيرة التي قد تفوق مطالب أي شعب على وجه البسيطة .  وتحترم مؤسسات الدولة وتحترم الدستور وسيادة القانون والمواطنة . و(الخروج بالعراق سالما ًمن عواصف إقليمية ودولية كبرى تحيق به) وإعادة تصويب العملية السياسية بإعادتها الى سِكتها بعد أن تم حرفها من قبل الطبقة السياسية الفاسدة.
ـ (على قادة الاحزاب العراقية أن يدركوا أنهم أمام مسؤولية جسيمة للمشاركة في التغيير عبر إقرار خريطة طريق آمنة . والتوقف عن مقاومة إرادة الشارع . ولديهم الوقت والفرص للتوصل الى ذلك طوعا ً قبل أن يُفرض قسرا ً) .